تعد البطالة من أكثر مشاكل العالم انتشارًا؛ حيث تعاني منها العديد من الدول في معظم التخصصات، وبمختلف أنواع الشهادات، ولكنها ظهرت لدينا في السنوات الأخيرة في التخصصات الصحية بشكل ملفت للنظر مع العلم أنها تخصصات كانت حلمًا لمعظم شباب الوطن وطموحًا سعى معظمهم إلى تحقيقه؛ نظرًا للاحتياج الكبير الذي يحتاجه سوق العمل في هذه التخصصات، لكن سرعان ما تبخرت تلك الطموحات وتكسرت مجاديف أحلامهم على أرض الواقع، وباتت تلك التخصصات مصدر قلق لا مصدر أمل وأمان.
ومما لاشك فيه أن وزارة الصحة ممثلة في معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة تركز جهودها حاليًّا في مواجهة خطر انتشار فيروس كورونا إلا أن جزءًا مهمًا من تلك الخطوات التي تتطلبها الوزارة لمواجهة تحدياتها خلال الفترة القادمة هي تطوير العمل الإداري، وتحسين الأداء، وتوفير الكوادر الطبية والتمريضية والفنية لا سيما بعد أن أعلنت منظمة الصحة العالمية في تقارير أصدرتها مؤخرًا بينت فيها أن العالم يحتاج إلى ملايين الكوادر الصحية كدعم إضافي لمن يعملون في المنشآت الصحية؛ وذلك نتيحة للإنهاك الكبير الذي تواجهه تلك الطواقم في معظم دول العالم بسبب هذه الجائحة.
وهنا توارد في ذهني سؤالًا أعتقد أن الإجابة عليه ستكون مفتاحًا للبحث عن حلول سريعة وعاجلة لتوظيف وإحلالَ أبناء البلد من الخريجين من جميع المعاهد والكليات الصحية مكان من يتم التعاقد معهم من مختلف الدول والسؤال هو: ماذا لو طالبت تلك الدول التي يعمل مواطنوها في القطاع الصحي لدينا برجوع رعاياها إلى بلدانهم في ظل جائحة كورونا، والتي كان خط الدفاع الأول فيها هم الجيش الأبيض من السعوديين وغير السعوديين ؟! وكيف كنا سنغطي النقص الحاد والفراغ الذي سيتركه هؤلاء في منشأتنا الصحية والطبية الخاصة منها أو الحكومية ؟!
أليس من الواجب على الجهات المختصة البحث عن حلول وبدائل عاجلة لآلاف الخريجين العاطلين عن العمل؟ وإيجاد فرص لهم في مستشفيات القطاعات العسكرية أو المستشفيات الحكومية أو حتى في القطاع الخاص؛ لحل مشكلتهم التي ظلت إلى هذا الوقت دون إيجاد أي حلول جذرية لها فالعمل مهم في حياة الفرد إذ يعد وسيلة لإشباع حاجاته المادية والمعنوية؛ حيث يشعر بالأمان والاستقرار.
ونخلص من هذا كله إلى أنه يجب على وزارة الصحة استحداث آلية للتطور الوظيفي فيها، بما يحقق نظرة مستقبلية جاذبة ويضعها في قالب وظيفي يحظى باحترام المجتمع لها، ولابد أن تكون هناك آليــة للتعــاون والتنسيق بين القطاعين الحكومي والخاص في مجال التوظيف، والربط بين مخرجات التعليم وحاجة سوق العمل وعدم اشتراط الخبرة لحديثي التخرج، بل توظيفهم والحرص على تطويرهم علميًا ومهنيًا ضمانًا لوجود العنصر السعودي في هذه المهنة المهمة، وتقليل مبدأ الاعتماد على التعاقد الخارجي مع هيئات تمريض من دول لا نعرف كيف تم إعداد هؤلاء الأطباء والممرضين فيها، ومن يتابع ما يحدث من أخطاء طبية تعج بها مستشفياتنا الخاصة منها والحكومية سيكتشف مدى أهمية تسريع إحلال أبناء الوطن في هذه الوظائف، وردم الفجوة الموجودة بين سوق العمل وعدد الخريجين فالعرب تقول:
(ما حك جلدك مثل ظفرك).