ذهب أحدهم ليبارك لأخيه منزله الجديد، والذي للتوّ قد سكن فيه، وقد أخذ يتجول فيه يدخل غرفة، ويخرج إلى أخرى وأخوه منهمكًا في الوصف والإطراء في متانة الإنشاء، وجودة البناء، وأنواع الطلاء، وأدوات السباكة والكهرباء، ويحكي له معاناته طوال تلك الأشهر والسنوات حتى استقرّ منزله، وانتهى إلى ماهو عليه الآن، وصاحبنا الزائر يردد طوال الوقت “طيب ولكن المفروض هذا الباب لم تفتحه، وهذا الشباك يجب أن تغلقه وتلك العتبة أخفضها، وذلك السقف ارفعه، أما هذه الأجهزة فنوعها رديء، وتلك الأنوار فجودتها سيئة ولن تدوم معك أكثر من ثلاثة أشهر وذلك المطبخ تفصيله وخامته رديئة فلايلبث حتى يتكسّر بعد فترة قصيرة ولايستاهل كل تلك التكلفة، المهم أخيرًا قال لأخيه، وهو يودّعه “تدري الله يبارك لكم ويهنيكم ثم غادر”، قال حينها أخوه “يبدو أني سأعرض منزلي للبيع، وأذهب لأسكن في خيمه في وسط الربع الخالي أفضل لي”.
وأخرى أهداها زوجها باقة ورد جميلة رائحتها زكية مع ساعة رولكس نسائية مغلفة تغليفًا رائعًا وبألوان جذابة وفوقها خاتم ذهب عيار 24 في مناسبة قدوم أول مولود لهم، دخل وكان يعلو محياه نشوة الفرح والسعادة والابتسامة مستخدمًا المسكين عنصر المفاجأة في نظره، فلما أهداها نظرت إليها، وقد تمعّر وجهها وقلّبت أشداقها، ورفرفت بأعينها وقالت: “أول شي ما أحب هذه الألوان، وبعدين ليش ماجبت لي عطر فخم من باريس والخاتم ليش مافيه فصوص ألماس زي اللي في تاج ملكة بريطانيا، تدري خلاص شكرًا”.
حينها تمنى لو أنه تزوج امرأة يهودية. ولايعني ذلك أن كل النساء كذلك.
وآخر رزقه الله بطفل معوّق حركيًّا أو فكريًّا أو عقليًّا وأهله صابرين محتسبين رغم معاناتهم وصبرهم طوال السنين معه في علاجه وتربيته وتعليمه، ويأتي أو تأتي بكل برود من يتندّر أو يتنمّر عليه في المدرسة من بعض زملاءه أو في البيت من بعض أقاربه أو بعض جيرانه، ويعيب أو يتنمّر عليه، وقد علت عليه ومن حوله أصوات الضحكات والهتافات والصيحات والانتقادات، ولكم أن تتخيلوا بعدها وقع ذلك على نفسيته وعلى نفسية والديه.
حينها قررت الأسرة أن ينتقلوا للعيش في جزيرة في وسط المحيط الهادي بعيدًا عن الناس.
وقد تجد صنفًا من الناس لايقدّر جهد أحد حتى مع اولاده أو زوجته، ويتعالى أن يخرج من فمه ولو كلمة شكرًا أو يعطيك العافية.
من الناس من لايعير أي اهتمام لكلمات يطلقها، وهو لايدري أن بعضها قد تدمر إنسانًا أو تترك جارحًا غائرًا لايلتئم ولو طال به الزمن، والبعض يمشي بين الناس بمبدأ “اللي بقلبي على لساني وأنا إنسان صريح”، وهذا غير صحيح فلكل مقامٍ مقال، والناس تنفر من الشخص كثير الانتقاد أو كثير السؤال عن الخصوصيات ومالايعنيه، احفظ كلماتك واوزنها بميزان الشرع ثم الأصول والواجب وأعطِ كل ذي حقٍّ حقّه من التعامل فكن حكيمًا واعيًّا، ولاتكن متكبرًا متعاليًّا أو أحمقًا لامباليًّا فالله عز وجل يقول: (وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا)، ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “والكلمة الطيبة صدقة”،
ولاينطبق عليك المثل”رب كلمةٍ قالت لصاحبها دعني” دمتم في رعاية الله.
بارك الله فيك والى الامام دومآ