يتفاوت مستوى الوعي بين شخص وآخر، وهذا يحدده عوامل كثيرة تكمن في شخصية وتعليم وثقافة وطبيعة حياة الإنسان.
ولو استرجعنا العقل الباطن، وعدنا قليلًا للوراء حينما وضعت كاميرات “ساهر” على جوانب الطرقات بعد أن استشرت الحوادث في شبابنا كما تستشري النار في الهشيم؛ حيث ارتفعت معها نسبة الوفيات والإعاقات المزمنة التي لا يُرجى شفاؤها وتصدرنا كثيرًا من الدول في نسبة الحوادث.
جاء نظام “ساهر” ولسان حاله يقول: تمهّل من أجل سلامتك وسلامة أسرتك.
ظهر حينها ثلة من الناس غير آبهين بأهميتها ونعتوا “ساهر” بأبشع الصفات حتى أصبح الكثير منا حينما يرمق تلك الكاميرات أشبه مايرى إحدى الشياطين، يودّ حينها أن يقذفها بحذائه أجلكم الله كما يفعل بعض الحجاج المتحمسين عند الجمرات.
“وأزيدكم من الشعر بيت” أن البعض وصل إلى حد العبث بها، والعمل على إحراقها.
بينما البعض الآخر يتباهى بتحديه الفلاشات التي تصدرها الكاميرات المكلومة من سرعته، وتهوره، وهي تنذره بالخطر المحدق وتجاوز السرعة القانونية.
اتضحت الصورة جلية حينما استفاق البعض منهم من غفلته؛ كونهم لايعرفون للنظام معنى ولايقيمون له وزنًا، بعد أن
فقدوا أحبتهم ممن قضوا نحبهم تحت وطأة السرعة الجنونية، أو بترت ساقيه أو إصابته بشلل رباعي عطله عن الحياة برمتها، أو عند المطالبة بتسديد المخالفات المتراكمة التي بلغت حمل بعير.
وكأن التاريخ يعيد نفسه اليوم؛ فقد بذلت حكومتنا وجميع الوزارات جهودًا مضنية للوقاية من جائحة كورونا ذلك الشبح المخيف الذي لا يُرى بالعين المجردة ويتخفى تحت جُنح الظلام الدامس، وجعل حال دول العالم رأسًا على عقب، وعلى مدى قرابة تسعين يومًا ووسائل الإعلام لا يغمض لها جفن، وهي تحذر من التقارب الاجتماعي، وتحث على التباعد الاجتماعي، وتطبيق الاشتراطات الصحية للحفاظ على سلامتنا وسلامة الآخرين.
إلا أن مانشاهده اليوم مع بداية السماح بإعادة الحياة إلى طبيعتها تدريجيًّا أن هناك إنفلاتًا وإهمالًا في الجوانب الاحترازية يدق ناقوس الخطر، بأن تكرار نفس السلوك سوف يؤدي بك فقط إلى نفس النتائج.
0