العالم اليوم بات يعيش أزمة تهدد الإنسانية ، وهي أزمة الإرهاب التي هي في حقيقة أمرها اتخذ أصحابها الإسلام لباسًا يلبسونه مع أن الإسلام رحمة للعالمين، والإرهاب عدوان وظلم للعالمين .
وإذا اردنا الحديث عن الإسلام نجد أنه يأمر أتباعه بالمحافظة على الأمن والأمان ( ياأيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة..) .
وكذلك ( ولاتعتدوا إن الله لايحب المعتدين ) والنصوص كثيرة من الكتاب والسنة الداعية إلى عدم إيذاء الغير.
ولكننا عندما ننظر إلى واقعنا اليوم يتبين لنا أن الإسلام صار ينظر إليه غيرنا نظرة سوء لسوء تصرفات بعض المنتمين إليه من خلال سلوكياتهم التي هي بعيدة عن الإسلام .
فمن بين تلك السلوكيات التدخل في شؤون الغير قولًا أو فعلًا مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحذر عن ذلك بقوله ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ) .
وهذا فيما بينهم ، وعند غيرهم يقول ( إتق الله حيثما كنت ، واتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ) فاستعمال النبي صلى الله وسلم الناس هنا أراد العموم للمسلم وغير المسلم ، وذلك ليعم السلام في الكون جميعًا.
إن هذه التعليمات الإسلامية التي هي نجاح في حياتنا وفوز في الآخرة صارت مهجورة ، لذا استطاعت كثير من الدول انتهاكًا للقوانين الدولية بالاعتداء على غيرها بدون ذنب .
فالتدخل العسكري التركي المباشر في ليبيا يعد جزء من المخططات الإرهابية التي تهدد دولنا باسم الدفاع عن الإسلام ، وليس الأمر كذلك ، لأن ليبيا بعد الثورة كانت تحتاج إلى حوار بناء فيما بين أبنائها لإخراجها من مستنقع الانفلات الأمني إلى الاستقرار وليس التدخل العسكري التركي الذي يعد نوع من الاستعمار .
إن تركيا بعد ما رفضت أوروبا انضمامها إلى الإتحاد الأوروبي فما وجدت طريقا لبسط هيمنتها وارادة اعادة إبراز إمبراطوريتها إلا باتخاذ شعار اعادة الخلافة كي يستطيع أصحاب التيارات المختلفة ركوب سفينتها ظانين أنها تحملهم إلى بر الأمان ، فمن هنا حصل التدخل في ليبيا.
والمتأمل يجد أن هناك مطامع تركيا تريد تحقيقها في الشرق الاوسط إلى إفريقيا وستكون ليبيا هي القاعدة التي ستكون منها الانطلاق لتنفيذها لمكانتها ولموقعها الاستراتيجي بين إفريقيا وشرق البحر المتوسط .
لذا يرى كثير من المحللين السياسيين أن التدخل العسكري التركي في ليبيا من شانها : أن انقرة سعت لتطوير سياسة التأثير بعد سقوط الزعيم الليبي السابق معمر القذافي في عام ٢٠١١م ومع وقوف القائد خليفة حفتر لمواجهة المليشيات الإرهابية في طرابلس من شهر أبريل ٢٠١٩م وجد الأتراك طرقا جديدة لتوسيع نفوذهم السياسي والعسكري على الأرض ، فمن هنا حصل التفاهم بينها وبين السراج والذي تدعمه المليشيات الإرهابية .
وتركيا تزعم بإعادة إمبراطوريتها باسم الإسلام ، وهذا العنصر الأيديولوجي يجب استكشافه ، نظرًا لأن السراج تأثره بالتيارات الإسلامية المتطرفة والتي معقلها في تركيا اليوم ،استطاع اردوغان اللعب بعقول أصحابها حتى كان هذا هو المكون الأساسي.
وما نراه اليوم في تونس من طلب استجواب رئيس البرلمان التونسي من البرلمان التونسي راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة التونسية حول تعاطفه مع تركيا لتدخله في ليبيا ليعطينا مزيدًا من الوضوح على أن مسالة تركيا في ليبيا لها أطراف كثيرة من الأطراف المنتمية إلى الإسلام السياسي .
فليعلم الجميع على أن تركيا دخولها في ليبيا لتأجيج نار الفتنة فيما بين الليبين لبيع اسلحتها فيها ، ولتكون منطلقا لمشاريعها في إفريقيا ، واتخاذ الإسلام شعارا للإرهاب فقط دون غيره.