كثير منّا لا يفرق بين الرؤيا والحلم، وقد بيّنها لنا رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- في حديث أبي قتادة – رضي الله عنه – قال: سمعت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول: (الرُّؤيا مِن اللهِ والحُلْمُ مِن الشَّيطانِ فإذا رأى أحدُكم الشَّيءَ يكرَهُه فلْينفُثْ عن يسارِه ثلاثَ مرَّاتٍ إذا استيقَظ ولْيتعوَّذْ باللهِ مِن شَرِّها فإنَّها لنْ تضُرَّه إنْ شاء اللهُ).
قدمت من سفري وأنا متجه لمحافظة العرضيات لفت انتباهي موقع المحافظة في رأس ذلك الجبل وحولها البساتين من الصخور والحجارة، والمناظر الطبيعية الموحشة، وذلك الطريق الوعر الذي تحتاج لسلوكه سيارة ذات دفع رباعي فضلًا عن خطورة الدخول والخروج وما قد يسببه من حوادث مؤلمة، وكذلك انعدام لجميع الخدمات حولها، حينها نفثت عن يساري ثلاثًا، وتعوذت من الشيطان، وقلت: اللهم اكفنا شر أضغاث الأحلام.
وفي موقف آخر أشد ألمًا من السابق خرجت لقضاء نزهة مع أبنائي فقلت: منتزة جبل نمرة شيء جديد ومكان مرتفع نكسر به روتين الحجر الصحي فحين صعدت للقمة نظرت على يساري وشاهدت قرية نمرة عارية تمامًا، وعن يميني المقبرة فتذكرت قوله تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإكْرَامِ) فأشرت لأبنائي على قبر والدي، ودعوت له بالرحمة، ودعوت لصاحب الفكرة فهذا أفضل مكان لزيارة المقابر، وتذكر الآخرة.
يقول صديقي الكاتب الكبير أحمد الشمراني: (إلى الآن ومحافظتي بلا جامعة ولا كليات، وإن استشهدت بالتاريخ ربما أنكأ جراحًا تم علاجها بالصبر والحلم أن يأتي بكره الفرج)
تأملت هذه الأسطر، وتذكرت بيت شعر ينسب للخليفة علي بن أبي طالب -رضى الله عنه-:
صبرت على صبر أمرّ من الصبر
وصبرت حتى ملّ الصبر من صبري
جراح العرضيات لم ولن تندمل فجراح العرضيات تنزف منذ زمن وتاريخها يشهد على ذلك، فكم تأخرنا كثيرًا عن بقية المحافظات لأسباب يعلمها الجميع فاللعب أصبح على المكشوف ولسنا بصدد مناقشتها في هذه الأسطر.
ولكن عندما شاهدت المحافظة في ذلك المكان لم أعد بحاجة لمن ينور بصيرتي ويحدثني عن أسباب انعدام الخدمات، فكيف لمحافظة تقع في ذلك المكان المهجور أن تقنع مسؤولًا جاء ليتفقد احتياجاتها أن ذلك الموقع دائرة حكومية؛ فضلاً عن إقناعه بحاجتها لكلية جامعية أو مستشفى للنساء والولادة أو نادي رياضي أو ترفيهي أو غيرها.
وعلى أية حال فالدولة قدّمت الكثير، ولا تزال تقدم، ولكن ما يحتاجه أبناء العرضيات هو مسؤول يحس ويشعر بآلام أولئك الآباء والأمهات الذين فقدوا أبناءهم وفلذات أكبادهم في رحلاتهم؛ لطلب العلم خارج المحافظة، والقضاء على أفكار أولئك الأشخاص المتنفذين الذين قتلوا طموحهم، وتسببوا في حرمانهم من حقوقهم، وتعطيل كل مشاريع التنمية في المحافظة.
وبالمختصر ما يحتاجه أبناء العرضيات هو مفسر حاذق يعبر رؤى وأحلام أبناء المحافظة، ويحولها من منامات بالليل إلى واقع يرونه في النهار، وإلاّ ستبقى أضغاث أحلام.
همزة وصل:
يقول توماس أديسون:
سقوط الإنسان ليس فشلًا.. ولكن الفشل أن يبقى حيث سقط.
ولكن يا صديقي تفشل ثلاث مرات متتالية وتكرر نفس الفكرة، لا أعلم هل أضع علامة ؟ أم !.