أحمد حلبي

عبدالحليم رضوي الفنان اليتيم

عشق اللوحة والفرشاة، وارتبط بهما منذ طفولته لتولد لديه رغبة أن يكون فنانًا تشكيليًّا، لكن كيف يكون له ذلك، وهو الطفل الفقير اليتيم الذي امتهن بيع البليلة ليوفر السعادة لأسرته!

ذاك هو الدكتور عبد الحليم رضوي ـ يرحمه الله ـ المولود بمكة المكرمة عام 1357 هــ الموافق 1939م، والذي عاش حياته بين اليتم بعد وفاة والده وهو في الخامسة من العمر، وعاش الفقر الذي زاد من صعوبة حياته، فلم يتمتع كأقرانه بما يتمتعون به من لعب ولهو بين أسرته بحماية والديه، ولكونه الأخ الأكبر في الأسرة فقد تحمل المسؤولية؛ ليصبح جامعًا بين علما يبحث عنه ويتلقاه في مدرسته وعمل يؤديه ليكسب قوت أسرته، فعمل بائعًا للبليلة.
أما موهبته وعشقه الفني فاستغله في فترة فراغه بطلاء الجدران داخل البيوت ليوفر مصاريف أسرته ودراسته، وفي موسم الحج التحق بالعمل في خدمات الحجاج؛ حيث كان يقوم بتطويف الحجاج.
ولم تثنيه هذه الأعمال عن مواصلة مشواره في ـ الرسم كما كان يقال ـ الفن التشكيلي، فعمل على تنمية هوايته داخل المعهد العلمي السعودي، ثم التحق بالمدرسة العزيزية التي تخرج منها عام 1380هــ.
وإن كان للحظ دور في حياة الدكتور عبدالحليم رضوي ـ يرحمه الله ـ ، فإن لعزيمته وإصراره تحديًّا قويًّا، فقد شاءت الصدف أن يلتقي بالسفير السعودي بإيطاليا الشيخ عبد الرحمن الحليسي ـ يرحمه الله ـ، الذي عرف قصة كفاحه وحبه للفن التشكيلي فقرر ضمه لبعثة الطلبة السعوديين الدراسين على حساب الحكومة في ايطاليا ليكمل دراسته، وحصل على درجة الليسانس في فنون الديكور من كلية الفنون بروما.
والدكتور الرضوي ـ يرحمه الله ـ برز كفنان مبدع في المجسمات الجمالية من خلال الأعمال التي نفذها بالتعاون مع بلدية محافظة جدة، فقد وجد أمينها ـ آنذاك ـ المهندس الدكتور محمد سعيد فارسي ـ يرحمه الله ـ أن التعاون مع الرضوي سيمنحه الفرصة لتنفيذ مجسمات وأعمال فنية في أبرز شوارع وميادين جدة، وتحقق له ذلك.
وزاد من شهرة الرضوي ـ يرحمه الله ـ مجسم “جرة الفول” الذي قدمه كهدية تقديرًا منه لاثنين من معلمي الفول في جدة القديمة (عبدالقادر الأمير، وسعيد القرموشي).

في مسيرته الفنية سجّل الدكتور عبد الحليم رضوي ـ يرحمه الله ـ تواجده بالعديد من المعارض الشخصية التي عرضت أعماله، في عدة دول منها الولايات المتحدة الأمريكية، وهولندا، والبرازيل، وبريطانيا، والسويد، واليابان، وإندونيسيا، وفرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، وسويسرا، وبلجيكا، كما حفظت بعض أعماله في متاحف الفن الحديث في كل من إسبانيا ، والأردن، وريو دي جانيرو، والمغرب، وتونس، وزيورخ، وصالة الفن في سان ماركو في روما؛ إضافة إلى متحفه الخاص في مدينة جدة.
كما تقلد العديد من المناصب منها “رئيس رابطة الفنانين التشكيليين العرب بمدريد عام 1973م، مدير عام جمعية الثقافة والفنون في مدينة جدة منذ 1980م – 1992م، مستشار الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون عام 1993م حتى وفاته، عضو مجلس التحكيم الدولي بمدريد عام 1968م، رئيس لجنة التحكيم للفنون الجميلة بمدريد عام 1978م.

وكانت وفاته يوم الاثنين 6 صفر 1427 هــ عن عمر يناهز الــ 67 عامًا أرسى خلالها دعائم الفن التشكيلي، وأبرز إبداعاته الفنية التي تجاوزت معارضها الــ 100، رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته وغفر له.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button