المملكة العربية السعودية من أوائل الدول الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، ومن أكثر الدول على نطاق الشرق الأوسط مكافحة للفساد المالي والإداري داخل المنظمات العامة والشركات العملاقة.
لم تصل المملكة لهذا المستوى بين ليلة وضحاها، بل هو نتاج عمل مستمر بدأت ملامحه تتشكل مع استحداث جهاز متخصص لمكافحة الفساد في عام ٢٠١١م، وتبع ذلك التطوير التشريعي والإجرائي والتعاون الدولي.
ولا ينكر عاقل أن المنعطف التاريخي في مكافحة الفساد محليًّا كان في عام ٢٠١٧م من خلال تشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد برئاسة سمو ولي العهد الأمين، وأصبحت مضرب المثل في كل الدول العربية، وتم بحمد الله استرداد أموال طائلة لخزينة الدولة، ومؤخرًا تم توحيد جهود الأجهزة المعنية بمحاربة الفساد في هيئة الرقابة ومكافحة الفساد.
يصدر من هيئة الرقابة ومكافحة الفساد بشكل شهري بيانًا إحصائيًّا بالقضايا المنظورة وتفاصيلها، ووسائل الإعلام التقليدية المحلية تلعب دورًا في نشر تلك الأخبار والجهود للجمهور، وهناك تفاعل إيجابي كبير في وسائل التواصل الاجتماعي داخل المملكة مع كل ما تقدمه الجهات المختصة لمكافحة آفة الفساد والمخالفات. ولكن لايتوقف دور الإعلام على نقل الخبر أو التدوير الإعلامي للمحتوى المنشور من نزاهة، بل يتجاوزه إلى أدوار أعلى من المسؤولية.
الدراما أحد أبرز القوالب الإعلامية الفنية، والتي تستطيع أن ترسل رسائل متعددة من أجل تعزيز سلوك معين أو تشكيل اتجاه أو رفع وعي ومعرفة بشأن قضية محددة، والقضية هنا مكافحة الفساد.
كان للدراما السعودية حضور ملفت في معالجة قضايا الإرهاب والتطرف ومكافحة المخدرات وغيرها من القضايا الاجتماعية والعامة، وأعتقد بعد التطور الملموس في الدراما السعودية من حيث الإعداد والحبكة الدرامية والتمثيل والإخراج، هناك فرصة كبيرة لنجاحها في إظهار جهود الأجهزة المعنية، ورفع الوعي بخطورة تبديد المال العام، والرشوة، والفساد المالي والإداري وإيضاح الفروقات بين الفساد والمخالفة الإدارية.
وسهّلت بيانات هيئة الرقابة ومكافحة الفساد على كُتاب السيناريو المهمة فبين صفحاتها العديد من القضايا التي لم تخطر على بال أحد من توظيف أقارب أو توظيف بدون وجه حق ورشاوى ومخالفات مالية، بل واستغلال لظروف جائحة كورونا.
ننتظر من الفن والدراما السعودية دورهم في مكافحةالفساد.