نعيش اليوم في عالم متقلب ومتطور، وأحداثه متلاحقة، ورتمه سريع جدًّا؛ حتى يكاد ينسى المرء فيه تذكر أمسه من يومه.
كانت الأمم السابقة يدونون تاريخهم وأحداثهم حتى بالنقش على الصخر؛ حفظًا لتاريخهم وحضارتهم، والأحداث التي عاشوها.
وتعتبر الجزيرة العربية كما ذكر بعض المؤرخين، والتي تستحوذ المملكة العربية السعودية على أكثر من 70% من مساحتها من أغنى دول العالم في نقوش الفنون الصخرية التي دلّت على وجود حضارات إنسانية، قامت على أرضها خلال زمن ما قبل التاريخ أي قبل اكتشاف الكتابة.
وحيث إن لكل أًمة تاريخ تسجله من عدة منطلقات تتوافق مع معتقداتها وواقع حياتها، وليكون منسجمًا مع ما يصبوا إليه أفرادها؛ فقد سجلت تلك الأمم تاريخها وضمنته حضاراتها وأديانها ومعتقداتها، وتركت للأمم اللاحقة تلك الحضارة التي أذهلت من اكتشفها، وتعرف عليها وفك رموزها إن كانت قبل الإسلام أو بعده، والشواهد على ذلك كثيرة فكما ذكرنا أن النقوش الصخرية في أرض السعودية وبالذات محافظة حائل التي اكتشفت بها تلك النقوش دلت على حضارة قديمة تمتد عمقًا لما قبل الإسلام.
ومن هذا المنطلق فإن تسجيل التاريخ لأي أمة يحفظ إرثها، وينقله من جيل إلى جيل حتى يعرف كل جيل ما فعلت الأجيال السابقة، ولولا الاهتمام بتسجيل التاريخ لما انتشر الإسلام، وكتب القرآن، وحفظ بوحي من الله -عز وجل-: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). ولولا ذكر تاريخ الأمم التي سبقت لجهلنا ما كانوا عليه من التقدم والحضارة ولما قرأنا عن غزواتهم، وفتوحاتهم، وبطولاتهم التي نالوا بها الشرف والعزة والكرامة، ولما قرأنا كتبًا عن المتنبي، والجاحظ، وامرؤ القيس. ولما تعلمنا من ابن حنبل، والمالكي، والحنفي، والشافعي رحمهم الله تعالى. ولما عرفنا قصص قيس وليلى، وعنترة وعبلة، ولما تعلمنا الأدب من أبي إسحاق الألبيري، وأبي الأسود الدؤلي، وأبي الطيب المتنبي، وأبي العتاهية، وأبي العلاء المعري، وغيرهم من الأدباء في العصور الأخرى.
إن عدم الاهتمام بتسجيل الوقائع التاريخية والآثار سيؤدي إلى اندثار تاريخ أًمة بنت حضارتها؛ لتترك إرثًا لأبنائها وحفدتها ولذلك فإن من الأمانة أن يسجل التاريخ؛ حتى ولو لم يكن ذا شأن؛ لأنه أمانة في أعناقنا للأجيال القادمة.. وإن إهمال ذلك يُعد خيانة للأمانة.
()