من أكثر الوظائف التي يرغبها عامة الناس منذ نعومة أظفارهم، وهي وظيفة الكابتن الطيار فهي بلا شك تلك الوظيفة التي يسيل لها لعاب الكثيرين لما لها من مزايا اقتصاية، وثقافية، واجتماعية.
ولا ننسى بأن الطيار يؤدي عمله في منظومة عمل يقودها بكل دقة وعناية من (مقصورة القيادة) ليس في الطابق العاشر ولا في الطابق الخمسين أو المائة، بل يحلّق بآفاق عالية، وعلى ارتفاعات شاهقة تتجاوز بعض الأحيان الأربعين ألف قدم.
وهي أيضًا مصدر فخر واعتزاز للطيار نفسه ولذويه أيضًا، ولكن هل هذا الوقت يُعد مناسبًا لدراسة الطيران،
وهل في ظل توقف بعثات الدولة لدراسة الطيران يكون الأمر مجديًّا لولي الأمر أن يستثمر الوقت والجهد وتلك المبالغ لإرسال ابنه لدراسة الطيران على نفقته الخاصة؟ بكل تأكيد الإجابة ومن وجهة نظري هي لا.
والسبب هو أن السوق الآن يغمره العرض مع انعدام الطلب تقريبًا، وهناك ما يقارب الألف طيار نجدهم عاطلين عن العمل، وعجز سوق الطيران عن استيعابهم.
ناهيكم عن جائحة كورونا وما تسببت به من أزمة حقيقية طالت جميع شركات الطيران في العالم دون استثناء اضطرت على أثرها تلك الشركات إلى الاستغناء عن أعداد كبيرة من موظفيها، وكان ممن تم الاستغناء عن خدماتهم الطيارين.
وفي حال تعافي قطاع الطيران بعد جائحة كورونا، فإن الشركات ستبدأ في استقطاب الطيارين مجددًا، ولكنها ستبدأ باستقطاب ذوي الخبرة قبل خريجي الطيران الذين لا يحملون في جعبتهم ساعة واحدة من الخبرة؛ مما سيزيد الأمر صعوبةً لأولئك الخريجين.
ولا ننسى بأن الطالب إذا التحق بدراسة الطيران على نفقته الخاصة؛ فإنه سيستغرق ما بين العامين إلى ثلاثة أعوام غالبًا؛ لينهي دراسته وهذه المدة كفيلة بأن تُفقِده فرصة الالتحاق بالجامعات التي لا تقبل أن يكون عمر شهادته الثانوية أكثر من عامين.
وينتهي به المطاف في صفوف الانتظار مع من سبقوه دون وظيفة أو شهادة جامعية، لذلك أرى بأنه من الأولى الآن الدراسة الجامعية، وتأتي دراسة الطيران بعدها. ونأمل أن تكون فترة الدراسة الجامعية كافية لاستيعاب الطيارين العاطلين السابقين، وتجعل من دراسة الطيران استثمارًا جيدًا مرة أخرى.