بعد قراري في بداية عام 2016م ترك وظيفتي التي عملت بها ما يقارب العشرين عامًا أخذت فترة راحة بعد هذا القرار، وهو عملية الفصل بين ما كان وما سيكون. وقد كانت وظيفتي هي طفلي الذي نمى، وكبر أمامي، ولكم أن تتخيلوا أنواع الألم الذي مررت به في رحلة التشافي من الإدمان.. نعم فالعمل عندما تحبه ويشكل جزءًا مهمًا من حياتك فهو إدمان يحتاج إلى علاج للتشافي منه..
المهم خلال فترة الفصل أو التشافي سمها ما شئت، بدأت أقلب في أوراقي القديمة، وأفتح صناديق مغلقة فوجدت نسخة من جريدة قديمة صدرت عام 1995 (جريدة الشرق الأوسط – أشهر جريدة في زمانها) ما أن وقعت عيني عليها حتى تبادرت إلى ذهني الذكريات.. فتحت الجريدة بشوق وشغف. أنا أعرف ما أبحث عنه، وأعرف تقريبًا في أي صفحة، وأكيد موقعها في أسفل الصفحة.
لقد كان مقالًا خطته يدي عام 1995م أول مقال أنشره في حياتي، وبعده لم أنشر شيئًا، كان انقطاع دام 20 عامًا دون سابق إصرار أو ترصد. كان المقال ردًّا على مقال نشر في ذات الجريدة: بعنوان: (السعودية: المطلوب هيئة وطنية للترجمة) للدكتورة/ نهى الشرفة. وكان ردي بحكم أني خريجة كلية اللغات والترجمة، وحيث إن الموضوع كان قد مسّنى أو أثّر في كونه من اهتماماتي وما كتب في المقال حفزني على الرد، وكان الرد.
غير مهم ما جاء في ردي على المقال، المهم هو ما خالجني من شعور بالفرح والفخر والذكريات.. أعدت قراءة المقال أحسست بأنني أقرأه لأول مرة، كانت العبارات، بالنسبة لي على الأقل قوية ومصاغة بشكل جيد، وكنت مستغربة أنها صدرت مني، وأنا حديثة تخرج.
فعلاً إن أي شي نفعله في حياتنا أو نتعلمة أو نشاركه يكون له نفع وله وقت للظهور، في عام 2016م نشرت أول مقال لي بعنوان: (حياة في الإدارة) هو قراءة لكتاب الدكتور/ غازي القصيبي، ثم توالت المقالات التي وصلت الآن إلى ما يقارب الــ 100 مقال منها 80 مقالًا منشورًا، و20 لا زال في الأدراج ينتظر الوقت المناسب للخروج. وكذلك وجود كتابين منشورة هم الأقرب إلى نفسي و4 كتب أيضًا في الأدراج لا زالت تنتظر الوقت المناسب للخروج.
خلاصة القول، لا تعتبر أي عمل تقوم به مضيعه للوقت أده بشكل جيد، اقرأ بشغف، اكتب بشغف، ابدأ مشروعك بشغف، ادِ وظيفتك بشغف، تعامل مع الناس من حولك بشغف. وأغلق الأبواب ولا توصدها بالمفتاح فسيأتي يوم تُفتح من نفسها أو تحتاج أنت إلى فتحها لاستطلاع ما يوجد وراؤها قد يناسبك أن تعود، وتسكن مساكنًا أبوابها كنت لك يومًا، وأنت أغلقتها.
تحية لكل من تشافي من إدمان ما وتعافى، لكل من بدأ حياة جديدة في كل مرحلة من مراحل حياته، لكل من ترك بصمته الخاصة؛ ليعرف بها نفسه.
لتنهض من جديد تحتاج فقط إلى البحث في أوراقك القديمة، ابحث عنها، واستبعد السيئ منها واستبقي الجيد ثم ابدأ بترتيبها، أحد هذه الأوراق سيمس شيئًا في قلبك، ويحركك نحو هدف جديد.
0