ماذا أحدث فينا فيروس كورونا من تغيير في عاداتنا وتقاليدنا الاجتماعية بغض النظر عن تأثيره الفسيولوجي على أجسامنا ؟ لاشك أنه أحدث الشيء الكثير ومن أهمها التغيير الذي حصل في مناسباتنا الاجتماعية في الأفراح والأتراح كما غيّر في أساليبنا عند اللقاء ببعضنا البعض وأصبح شعارنا ” نخاف من كورونا رجاء لا تزورونا ” بعد أن أصبح الهم الأول والأخير عندنا الحفاظ على الصحة الخاصة والعامة والالتزام بتوجيهات وإرشادات وزارتي الداخلية والصحة وجميع هذه التغيرات كانت إيجابية وفي مصلحتنا جميعا تجعل التزامنا بها ميثاق شرف بسبب هذا الفيروس الخطير الذي لا نعلم من أين أتى وكيف يصطاد ضحاياه الذين كانوا في البداية بأعداد قليلة وفي دول محدودة ومن ثم انتقل بقدرة الله لجميع بلدان العالم ولم يستثن منهم أحدا بحسب دينه أو عرقه ونحن جزء من هذا العالم أصبنا بمخرجاته سواء كانت الإصابة به أو الوفاة بسببه فنحمد الله على كل حال ونترحم على موتانا وموتى المسلمين أجمعين .
في خبر نشره أخي رئيس التحرير الأستاذ عبد الله الزهراني حول حالة وفاة وقت الدفن بمقبرة الشهداء بمكة المكرمة لفقيد أسرة فهد عبدان بن جابر الذي ارتجل خال الفقيد فهد عبدان الزهراني كلمة بعد الدفن أثناء قيام المعزين بأداء واجب المواساة لهم في فقيدهم إذ قال بأننا نعيش ظروف استثنائية بسبب الفيروس الذي يوجب علينا الالتزام بالتعليمات من الدولة وبهذا فقد وصل عزاؤكم ونرفع عنكم الحرج في ما بعد الدفن ورد عليه الشيخ حسن الشاعر الذي شكره بعد أن دعا للفقيد بالرحمة وأيده في هذا رغم الصلة التي تربط بين المعزين الحاضرين والغائبين بالفقيد إلى جانب كون مراسم العزاء عادة وإن كانت محمودة العواقب إلا أنها في مثل هذه الظروف القهرية يجب أن تتغير بتغير الوضع الصحي العام الذي نعيشه ولازال دون الانتهاء منه مما يجعلنا نشكر ونؤيد ما قام به أقارب الميت وما أيده ذوو النهى من القرية .
الدولة رعاها الله حرصت على أن تضع للمناسبات حدود معينة سواء في حالة الفرح أو الحزن حيث حددت عدد ( 50 ) شخصا مع الالتزام بالتباعد وهذا ينطبق في حالة الصلاة على الجنازة مع قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث بن عباس رضي الله عنه حيث قال : سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلا لا يشركون بالله شيئا إلا شفعهم الله فيه . رواه مسلم وفي حديث آخر عن أم المؤمنين عائشة وأنس رضي الله عنهما أن النبي عليه الصلاة والسلام قال : ما من رجل يصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون المئة كلهم يشفعون فيه إلا شفعوا فيه وهنا ف‘ن العدد المطلوب محقق في نظام الدولة والحمد لله في الوقت نفسه فقد حصرت الدولة العدد الذي ممكن يكون في مناسبات الفرح وكل هذا لا يعفينا من التباعد ولبس الكمامات واستخدام كل ما من شأنه عدم نقل العدوى بين الحاضرين والحاضرات في مواقع الفرح وكلما كان العدد أقل نحقق نسبة أكبر من التطبيق الازم كأن يكون الزاج عائليا بين أسرتي العريس والعروس في البيوت إن أمكن أو الاستراحات للضرورة وفي هذه العادات التي فرضها علينا هذا الفيروس مصالح كثيرة صحية ونفسية واجتماعية واقتصادية لا يجهلها المجتمع وقد شعروا بها في هذه الصيفية بالذات حيث ارتاحت أسر المجتمع من كثرة التنقلات في قصور الأفراح وقللت من التكاليف ومن بعض المشتريات التي كانت ترهق أرباب الأسر .
انعطافة قلم :
هل ممكن نسمع أخبار قيام إحدى القرى أو القبائل بوضع هذه العادات الجديدة قيد التطبيق ضمن اتفاقيات موقعة من معرفي القرى وشيوخ القبائل كما هو تحديد المهور حتى لو انتهت الجائحة ؟ وأن يكتفى بالزواجات العائلية بالذات بدلا من العامة التي يُدعى إليها المئات من الرجال والنساء وتقام الاحتفالات وتكون خسارتها ثقيلة على حساب العريس الذي يبقى سنوات يسدد ما استدانه ليكمل دينه بنصفه الثاني إن أصلح الله ؟ فإن دامت هذه العادات الجديدة المختصرة فسنرفع القبّعة لكل من طبقها اليوم ويطبقها مستقبلا أما من يعتبرها اليوم مبادرة بسبب الفيروس وغدا تتغير النفوس ويخالف ويعود الوضع لسابق عهده فهنا سنعيد حساباتنا في كل من نشر بالكلمة أو بالفيديو واعتبر ما قام به اليوم مبادرة وقت الجائحة ووقتها سيكون لكل حادث حديث فهل من مدكر ؟ .
نتمنى أن يكون لدعوة الكاتب صدى مستقبلا ويلتزم المواطنون باستمرارية الزواج العائلي لما فيه من تسهيلات كثيرة ومريحة واقتصادية للعريس بالذات وأن يتوفر معه مبلغ تكاليف الحفل الذي معظمه هياط خاصة المبالغ والهدايا التي يقدمونها لشعار العرضة بلا سبب مقنع ويوفر مبالغها لتأثيث واستئجار شقة وشراء سيارة وهذا هو المكسب . جزاك الله خير الجزاء