قد يبدو الوضع اليمني محيرًا للبعيد والقريب، ولكنه في نظري لا يتجاوز تضارب مصالح حزبية، وإقليمية، ودولية.
وفي التغريدات التالية سأحاول شرح رؤيتي للمشكلة والحل من منظور يمني – خليجي حريص على مصلحة #اليمن و#اليمنيين بدون تحيز لفئة دون أخرى فالكل في ميزان الوطن سواء.
جاء اتفاق الرياض؛ لينهي خلافًا بدأ بتحرير التحالف العربي ل #عدن، وما يليها من مناطق جنوبية، إذ استيقظت خلافات ماقبل #الوحدة_اليمنية ومابعدها، وتداخلت مصالح حزبية وطموحات زعامات مع قناعات ومصالح إقليمية. وجاء ذلك للأسف على حساب وحدة الصف، ومواجهة المشروع الإيراني لاحتلال #اليمن.
وبعد معارك كر وفر أنهكت القوى، وأشغلتها عن تأمين المناطق المحررة، وتوفير الخدمات لها فضلًا عن مواجهة العدو المشترك، قررت قيادة التحالف أن تتولى السعودية الإشراف على هذه المناطق، وفك الاشتباك بين المتصارعين وإيجاد أرضية للاتفاق والتوافق، فولد #اتفاق_الرياض؛ ليتوج جهود متصلة ومتوالية.
وقعت كل الأطراف على اتفاق الرياض والتزم الجميع بتنفيذ كافة بنوده حسب آلية محددة وموقوتة، وكانت البدايات جيدة، وإن خالها بعض التأخير والتفاوت في الالتزام، وواكب ذلك نشاط إعلامي سلبي في الداخل والخارج، يحرض الأخ على أخيه، ويعمل على تكريس الشك، وهدم الثقة وتعطيل التنفيذ لمصالح ذاتية.
ومن ذلك كان التشكيك في النوايا واتهام كل طرف للآخر بالتحالف مع جهات وأحزاب خارجية، وشمل ذلك التشكيك في #الشرعية واتهامها بأنها مخترقة من جماعة #الإخوان رغم تبرؤ #الإصلاح من هذا الارتباط، وتخلصهم من قيادات وعناصر متهمة، وقيامهم بواجبهم الوطني في مواجهة الاحتلال، ومحاربة مرتزقته.
كما قام الطرف الآخر بتوجيه التهم لدول عضوة في التحالف، والتحالف نفسه، بمطامع في اليمن وخاصة في عدن وسقطرى، رغم كل بذله التحالف وجميع أعضائه من بذل وعطاء في مشروعي التحرير والتنمية. وانشغلت الماكينة الإعلامية للطرفين في تكسير المجاديف بدلًا عن التجديف باتجاه التحرير والبناء.
المؤسف أن كثيرًا من مغردي الخليج والعرب انقسموا بين الطرفين مؤيدين لهذا ومهاجمين لذاك بمراعاة للمصالح العليا، أو إدراك بأن الانقسام فشل، والفشل خطر وجودي مقيم لنا وللعرب من بعدنا. فالمشروع الساساني لايتهددنا وحدنا في الجزيرة والرافدين، بل كل من يسمونهم أحفاد عمر ويزيد.
أقول لهم إن البوصلة يجب أن تكون دومًا وأبدًا هي مصلحة الأمة وبيتها #الرياض قائدة التحالف العربي في مواجهة المشروع الفارسي، وأمير مساهم بالروح والمال والجهد في تحرير #اليمن. فلا ننخدع بأجندات خفية ومعلنة لقوى ليس لها سهم ولا عليها غرم، ومصلحتها في ديمومة الصراع والمنافع الذاتية.
كما لاتغرنا الجماهيرية أو تحيدنا عن المصالح العليا، ولاتنسينا أننا في الميدان لإعلاء الحق، وإزهاق الباطل، والدفاع عن ديننا وبلادنا وأهلنا. ولا يضيرنا أن نتراجع عن مواقفنا إذا ظهر خطئها ونميل إلى الحق، ولو خالف ما كنا عليه. فالتصفيق ليس بالضرورة احترامًا، ولا انتقاد المخالفين منقصة.
عدم الالتزام بتنفيذ اتفاق الرياض تسبب في مضاعفة معاناة المواطنين في المناطق المحررة، فتعطل قطار التنمية، وتأخرت الرواتب، وتزعزع الأمن، وضعفت الخدمات الأساسية. فانشغال إدارة الحكم بالسياسة انعكس سلبًا على حياة الناس وثقتهم في مؤسسات الدولة بغض النظر عن الرايات التي ترفعها.
ومن المؤسف أن يصل الأمر إلى اتهام التحالف العربي بالتسبب في عدم صرف الرواتب، وتحريض الموظفين للاعتصام أمام البنك المركزي في #عدن. والهدف الظاهر هو تحويل النقمة على فشل مشروع “الادارة الذاتية”، وتحميلها لدول التحالف والتملص من تنفيذ #اتفاق_الرياض سعيًّا لتحقيق أهداف ومصالح حزبية ضيقة.
والحل كان ومازال كما جاء في #اتفاق_الرياض يكمن في تشكيل حكومة كفاءات تحت مظلة الشرعية تمثل جميع المناطق والأطراف، تعمل على حل المشكلات الحياتية للمواطن، وتوفير الخدمات والمساعدات الإنسانية بالتعاون مع كبار الداعمين، وعلى رأسهم السعودية والإمارات والكويت والمنظمات الإغاثية الدولية.
كما لابد من كف يد الذين يعطلون تنفيذ اتفاق الرياض، ويستولون على أموال البنك المركزي، ويأخرون تسليم الرواتب لإثارة الجماهير، وتوجيههم ضد الشرعية والتحالف أملًا في فرض مشاريعهم الانفصالية، ولو على حساب التحرير والتنمية وامن ورخاء من يدعون العمل على خدمتهم، والحرص على مصالحهم.
وفي المحصلة، فإن الشعب اليمني، كالعراقي واللبناني، لا يهمه من يجلس على الكرسي، ومن أي منطقة جاء وأي حزب يمثل، بل من يقدم مصلحة وطنه وشعبه على مصلحته وحزبه، ومن يكرس وقته وجهده لتوفير الأمن والعمل، ويوفر الطعام، والتعليم، والعلاج، والخدمات العامة الحكومية، والأهلية بدون انقطاع أو غلاء.
وعلى من يجد في نفسه الكفاءة والإخلاص والتفرغ التقدم للمهمة، فالوظيفة تكليف لاتشريف، والقيادة عبء ومسئولية، ومن لا يعنيه إلا الوجاهة ولاتشغله إلا السياسة، ولايعنيه إلا إرضاء قيادييه البحث عن أهدافه الشخصية في غير وقت ومكان. فكل عمل مرصود والناس شهود والحساب لناظره قريب.
أخيرًا نصيحة لكل من حسب أهل الشعارات الثورية والانفصالية، التخوينية والتحريضية، أصحاب قضية. فكل يغني على ليلاه، ويبحث عن مجده، ويسعى لغايته. ومصلحة اليمن في وحدته حتى تحريره واستقراره، وبناء مؤسساته الدستورية وانتخاب ممثليه وقادته. ثم، تحت مظلة شرعيته، تطرح مطالبه، والناخب الحكم.
فإن قبلت أقاليم الجنوب بنظام فيدرالي كالإمارات فلهم ذلك، وإن رغب الشعب فيها بالانفصال فلهم أن يطالبوا به تحت قبة البرلمان، وبالاحتكام لصندوق الاقتراع باستفتاء تشرف عليه الامم المتحدة كما تم في السودان. لقد اختار اليمنيون الديمقراطية نظام حكم فلا مناص من الاحتكام إليه في كل أمر.
الإيمان يماني والحكمة يمانية، وكم نحن اليوم بحاجة إليهما. الخطر مقيم ومحدق، والعبرة بكل بلد عاثت فيها إيران فسادًا وتخريبًا كشمس النهار. وقد سخر الله لأهل اليمن مالم يحظَ به أهل العراق والشام ولبنان، جيرة طيبة، وأشقاء أهل نخوة وحميةً ومصلحة وجودية في أمن، واستقرار السعيدة، فلا نضيع النعمة بالطمع.
ولا نخسر الوحدة بالخلاف، والقوة بالتشتت، والوطنية بالعمالة، والتنمية بالسياسة، والمصالح العليا بالحزبية والطائفية والمناطقية. والفرص قد تأتي مرة أو مرارًا، ولكنها لا تدوم. اللهم أرنا الحق حقًّا، وارزقنا اتباعه والباطل باطلًا، وارزقنا اجتنابه، ووفقنا لما فيه مصلحة الإسلام والمسلمين.