المقالات

عذرًا أيها الرجال

بصفتي كنت سفيرًا للسلام، أردت أن أكتب مقالي هذا عن حقوق المرأة في الإسلام؛ ولأن مشكلة العنف الأسري قد تفاقمت في الآونة الأخيرة، وزاد تجني الرجال على النساء بمختلف قراباتهم. رأيت من الواجب أن أنشر هذا ولا أعتقد أن هناك رجلًا مكتمل العقل والفكر لايعرف أن ما سأكتبه معروفًا ومعلومًا لدى الكل. فاسمحوا لي أن أبدأ بما أمر به الشرع بأن المرأة مكلفة في الإسلام بمهمة إعمار الأرض والاستخلاف عليها؛ وذلك في قوله تعالى: (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)، وعندما قال خليفة لم يقل رجل يخلف الأرض، بل إنها أيضًا مستخلفة وعلى قدم المساواة مع الرجل، وكذلك مساوية للرجل في التكريم. فليس التكريم للرجل وللمرأة الإهانة، بل هي أيضًا مكرمة وسواسية مع الرجل لقوله سبحانه: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ)، بني آدم عامة ولم يختص الرجل بالتكريم، وقد أقر التكليف سواء للرجل والمرأة في الإسلام في قوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ). فلا يوجد فرق في التكليف بين الرجل والمرأة، وهذا من ناحية المساواة، أما الحقوق التي حصلت عليها المرأة في الإسلام لم تصبح متاعًا، بل أخذت مكانتها الطبيعية كإنسان له مشاعر وأحاسيس فأصبح زواجها بإذنها، وليس فرضًا عليها حتى إنه لا يجوز تزويج الفتاة إن كانت رافضة للرجل، بل إن الزواج يبطُل فورًا.

أصبحت المرأة كائنًا مستقلًا فما عادت من ضمن متاع زوجها المتوفي، ولم تعد تدخل في تركته كالمال والأثاث. أعفاها الإسلام من النفقة على بيت الزوجية، وجعل هذا الأمر فرضًا على الرجل.

أسقط الله عنها خُمس الفرائض أثناء فترة الحيض فهي معفية من الصوم والصلاة في هذه الفترة؛ نظرًا للاختلافات التي تحدث لجسدها، وخلال فترة الحيض. وقد كان القدماء يعتبرون المرأة نجسة لا يجوز حتى الاقتراب منها فقال سبحانه وتعالى (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ) فوضح أن الحيض هو الأذى وليس المرأة. ومعنى الاعتزال هو الجِماع وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (إنه قال لعائشة رضي الله عنها ناوليني الخُمرة من المسجد فقالت إني حائض فقال: صلى الله عليه وسلم لها أن حيضك ليس بيدك).

ولقد خفف الإسلام على المرأة وأعفاها من جزء كبير في الشهادة، بينما جعل كل عبئها على الرجل حين جعل شهادتها نصف شهادة الرجل في قوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِن رِّجَالِكُمْ ۖ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَن تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَىٰ) فجعل الله التذكير للمرأة أما الرجل فلا تذكير له وعقوبة شهادته كاملة على عكس المرأة. كما أعطاها الإسلام التبجيل العظيم والتكريم والتفخيم حين أكرمها أماً كما في حديث النبي عليه الصلاة والسلام: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أمك قال ثم من قال ثم أباك).

وحين جعلها الإسلام سببًا لدخول والدها الجنة في حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم(من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن وأطعمهن وسقاهن وكساهن من جِدَتِهِ كن له حجاب من النار يوم القيامة). إن المرأة في الإسلام لها من الحقوق ما ترجوه كل نساء العالم في وقتنا الحاضر..! لها كرامة وكيان ليست سلعة ولا بضاعة مبتذلة، ليست متاعًا يباع ويشترى، ليست مخلوقًا للمتعة والإنجاب. المرأة إنسان مستقل، لها كيان ومشاعر وأحاسيس. وفي مجتمعنا الذكوري الذي يسلب المرأة حقوقها الطبيعية وهذا مشاهد في محاكم الأحوال الشخصية التي تعج بقضايا الخلع والطلاق والحرمان من الأبناء، ولا أجد قولًا أقوله خيرًا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (استوصوا بالنساء خيرًا) فبالمرأة تدخلون الجنة، وبالمرأة تدخلون النار، وبالمرأة ترزقون. ترفقوا بإيمائكم فإنكم مساءلون.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button