كان الناس إلى الأمس القريب يتباعدون مختارين إما لخلافاتٍ عائلية تضيق بها الصدور، وتتعقد فيها الأمور أو لسقوط أقنعة صداقات مزيفة أو حتى رغبة في اعتزال المجتمع، والابتعاد عن ضجيج المواقف الحياتية والوظيفية؛ ومع تلك الصور المتعددة للتباعد الاختياري؛ يتفق جميعهم أو يتشابهون في تبرير الفعل بعبارة “البُعد غنيمة”، فأصبحت هذه العبارة قاربًا يبحر بالقريب ويحيّر الرقيب، ومع جائحة كورونا عادت تلك العبارة ضرورةً لا اختيارًا بثوب جديد أصبح شعارًا للمرحلة تحت مسمى “التباعد الاجتماعي” وفق توجيهات وزارة الصحة والجهات المختصة وعاملًّا أساسيًّا مساهمًا في الوقاية، والحد من الإصابة بالفايروس، والسيطرة على انتشاره وبخاصة في المراحل الأولى للجائحة، فاختلف الوضع وأصبح البُعد واقعًا يمثل سلوكًا واعيًّا للمواطن والمقيم يدعم الجهود العظيمة التي بذلتها الدولة والإجراءات الاحترازية المتبعة حفاظًا على حياة الإنسان، ويساهم في تسريع العودة للحياة الطبيعية، فتجاوز الكثير منا التقاليد السائدة والمجاملات الزائدة في تلبية الدعوات وحضور الاجتماعات، واعتدنا على إلقاء التحية متباعدين دون مصافحة، وأصبحنا نفكر جديًّا في غنيمة البُعد عن التجمعات والتزاحم البشري، وعن الأقارب والأحباب حفاظًا على سلامة الجميع، كما لا ننسى خلال فترة الحظر غنيمة البُعد عن الروتين اليومي، وهدر الوقت في الازدحام المروري وغنيمة البُعد عن المطاعم بشكل عام؛ وبخاصة الوجبات السريعة وكذلك الأنشطة الترفيهية ومجالات عدة، رغم أن البُعد لم يكن غنيمة إيجابية من الناحية الوجدانية في رمضان مع افتقادنا للجو الروحاني المعتاد، والصلاة في المساجد، وموائد الإفطار مع الأهل والأصحاب، وكذلك مشاركتهم الفرحة بعيد الفطر السعيد فكنا نتمنى العودة للتقارب والتواصل، وأن لا تطول غنيمة البُعد، والآن ونحن نستقبل عيدنا الثاني هذا العام عيد الأضحى المبارك وقد بدأنا تدريجيًّا #نعود_بحذر للحياة الطبيعية، ولا زال خطر الإصابة بالفايروس يهددنا ونحتاط منه بتباعدنا، كم عرفنا أن القُرب نعمةٌ لا تعوض وفرصة لا تفوّت، ونزداد شوقًا لأن نعيش فرحة أعيادنا بأمانً تام فالبُعد ليس دائمًا غنيمة.
2
سلمت دكتور خالد، مقال جميل واختيار موفق للموضوع الذي يتوافق مح احداث المرحله.. وبالفعل تترجمت المقولة المعروفه (البعد غنيمة) التي كم سمعناها في الماضي الى حقيقة واقعة بل ومُلحّه ومطلوبه!! فسبحان مغيّر الأحوال.. والله أسأل ان يجلي الغمّه ويرفع الوباء ويصرف هذه الجائحة عنّا والعالم اجمع..
ثم اهمس لك صديقي: الا اتحفتنا بأبيات تحكي واقعنا اليوم فعهدناك شاعراً فحلاً وأشعارك جزله..
دمت بود أبا عبدالله،،
مقال رائع