المقالات

سد النهضة.. الرهان والتحديات

بإعلان الجانب الإثيوبي رسميًّا، وشروعه عمليًّا، في ملء بحيرة سد النهضة، تنتقل ملفات هذه القضية الشائكة لتوجه رهانات وتحديات جديدة، تبقى فيها الخيارات أمام الأطراف الثلاثة؛ مصر، والسودان، وإثيوبيا، مفتوحة على كافة الاحتمالات..

فهذه الخطوة تضع الجميع أمام “الأمر الواقع”، وهو ما سعت إليه دولة إثيوبيا طوال الفترة الماضية، بحصر نطاق التفاوض في الإجراءات والمسائل الفنية فقط، وفق المتفق عليه في وثيقة المبادئ الأولى، التي يدور حولها جدل كبير، وعدم اتفاق على ما جاء فيها خاصة من الجانبين المصري والسوداني، في حين تتمسّك بها إثيوبيا، كفاء ما وجدته في طيّاتها من مساحة فضفاضة لتنفيذ مشروعها، الذي تصفه بالحيوي، والقرار السيادي الذي لا رجعة عنه، ولا ترغب في التفاوض حياله مع أي طرف خارجي..

ورغم الإشارة لانفساح كافة الاحتمالات أمام الجميع؛ إلا أن خيار التفاوض، ومحاولة التسوية والوصول إلى نقطة تراضٍ هي الأوفق والأسلم والمرجحة، بخاصة وأن الملف أخذ دورة كبيرة في انتقاله من طاولة البحث الإقليمي، ثم العالمي في مجلس الأمن، وعاد مرة أخرى إلى حيزه الجغرافي في طاولة الاتحاد الإفريقي، بما يبعث ببصيص أمل في تدارك تداعيات هذه القضية، بخاصة وأن الأمن المائي لمصر على وجه التحديد، بوصفها الأكثر حصة واستهلاكًا لماء النيل، يبقى قضية في غاية الحساسية والخطورة، وأي اختلال في مستوى تدفق المياه لديها يضعها على حافة العطش والجفاف، بما يعني فقدانها لعنصر أساسي وركيزة كبيرة من ركائزها الاقتصادية واستقرارها الاجتماعي، والحال كذلك، وإن كان بنسبة أقل، بالنسبة للسودان، الذي سيكون المتضرر الأول من قيام هذا السد في حال تعرضه لأي خلل هندسي أو فني..

إن المهم، وقد وصل ملف القضية إلى هذه الخطوة العملية، أن تُغلّب الأطراف الثلاثة صوت العقل والحكمة، وأن تكثّف من مباحثاتها، وتسرّع وتيرة التفاوض بحثًا عن حلول توافقية يتراضى عليها الجميع، بما يحقق الفائدة للجميع، أو في أسوأ الأحوال تقليل حجم الخسائر بالقدر الذي يجعلها محتملة بنسب معقولة، وقابلة للمعالجة مستقبلًا.

———-

كاتب وباحث أكاديمي
تويتر AliMelibari@

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button