د. بندر الجعيد

تنظيم الإعلان السنابي، ضرورة أم خيار؟

قبل عدة أيام بدأت يومي متصفحًا أخبار العالم ومنتهيًّا بوسائل التواصل الاجتماعي، سناب شات. كان أول توقف مع الحسابات الرسمية، والتي تسلط الأضواء على الجهود الكبيرة للوزارات والهيئات والجامعات في ظل جائحة كورونا.

ومصادفةً قبل خروجي من التطبيق، لاحظت توشح الكثير من الحسابات بالسواد ورسائل تتحدث عن الشائعات وضرورة التيقن من أي خبر، والاهتمام بما رزقك به الله، وببحث بسيط لم أتفاجأ من السبب.

النيابة العامة في دولة الكويت تعلن عن بدء التحقيقات في قضية غسيل أموال ذات علاقة بوسائل التواصل والاجتماعي.

منذ عدة سنوات، ومع بروز الإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبحكم الاختصاص في اقتصاديات الإعلام كنت متوقعًا هذا الخبر.

والآن تبرز ضرورة ملحة لتطوير صناعة الإعلان الإلكتروني بمستوى يرتقي لحجم ومكانة الاقتصاد الكلي بالمملكة. من أهم محاور هذا التطوير:

١- رسم ملامح تركيبة سوق الإعلان الإلكتروني من ناحية مزودي الخدمة والأسعار، وطبيعة العلاقات بين المتعاقدين و المتنافسين في الصناعة. وحجم الإعلانات التي تتم عبر حسابات خارجية.
٢- أهمية فرض وجود مواقع إلكترونية لكل حساب إعلاني بأي منصة تواصل اجتماعي، يوضح فيه اسم صاحب الحساب الإعلاني، وطريقة التواصل معه والأسعار، والحصول على الفاتورة وموعد البث وتقرير التأثير والنشر، حتى تتضح الصورة للمعلنين والأجهزة العامة والسوق والباحثين.
٣- ضرورة توفير إحصاءات دقيقة (متاحة للعامة والمتخصصين) بحجم وقيمة الإعلانات المروجة عبر الحسابات الخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي، حتى يتمكن الباحثون والاقتصاديون والمهتمون بدراسة الصناعة والتنبؤ بها.
٤-الأخذ بالاعتبار طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي المعقدة، والتي من الممكن أن تجعل الإعلان الإلكتروني ينشر في أكثر من تطبيق عابرًا الحدود لعدة دول، وقد يتلقى الحساب المعلن إعلانًا من عدة معلنين في عدة دول، مما يصعب عملية تنظيم وتقصي مصادر الأموال والدخل.
٥-أهمية منح رخصة لممارسة الإعلان الإلكتروني؛ حتى لايحصل تضارب للمصالح، ويفضل أن تتوافق رسوم الرخص مع مستوى دخل الحساب؛ لتحقق المنفعة الاقتصادية الكلية.
٦-استحداث جمعيات احترافية تهتم بموضوع الإعلان الإلكتروني لضبط الممارسة، وتطوير العمل المهني بها.
٧-تعزيز دور التوعية الإعلامية في مناقشة هذه الظاهرة المتجددة والمتغيرة بسرعة.
٨-ضرورة استحداث آلية تقنية رسمية؛ لتقديم الخدمات الإعلانية الإلكترونية للقطاع العام؛ ممايحقق الضبط المالي والضريبي. ويفضل أن تكون مشتركة بين وزارة الإعلام ووزارة المالية، على غرار المنصات الحديثة مثل الاعتماد.
٩-تعزيز الإعلان المسوؤل للحد من آثار السلوك الاستهلاكي العشوائي غير المنظم الناتج عن الإعلانات المكثفة وغير المنظمة. هذا السلوك أنهك كاهل الأسر، وأبعد الكثير من الأموال عن مسارها الادخاري والاستثماري نحو المسار الاستهلاكي غير الصحي.

وأخيرًا لقضايا غسيل الأموال جوانب سلبية؛ حيث إنها تؤثر على جهود جذب الاستثمارات الأجنبية وبرامج التنمية. أحد المؤشرات الرئيسية لدى الشركات الاجنبية العملاقة لدخول الأسواق مؤشر مكافحة غسيل الأموال والجهود المبذولة في ذلك. بالتالي معالجة قضايا غسيل الأموال ضرورة اقتصادية ملحة، ولاشك أن المملكة لديها جهود عملاقة في مكافحة غسيل الاموال. خصوصًا وأن المملكة في منطقة إقليمية توجد بها دول تدعم الارهاب وجماعات إرهابية مثل: الإخوان، وحزب الله، والحوثيين، وبالتالي مكافحة غسيل الأموال يعد أمرًا حيويًّا للحفاظ على أمن المجتمع.

وفي الختام، سوف تكون القضية الكويتية فرصة للباحثين والدارسين في مجال القانون والإعلام والاستثمار.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button