الحج هو الركن الخامس من أركان الإسلام، ويقام في مدد محدد على أرض مباركة، يجتمع فيها شرف الزمان والمكان، وقد حظيت هذه الدولة المباركة بشرف عظيم بخدمة الحرمين الشريفين ورعاية ضيوف الرحمن على مدار العام فبحمد الله خلال حج عام ١٤٤٠هجرية، تشرفت بخدمة ما يقارب مليونين ونصف حاج وفي خلال الخمسين سنة الماضية قرابة المائة مليون حاج بإدارة احترافية وعناية فائقة وتخصيص وزارة تعنى بالاهتمام بكافة تجهيزات الحج.
أتت سنة العجائب، والتي غيرت من عادات الناس ونمط حياتهم بسبب انتشار فيروس “كورونا” المستجد الذي تسبب في وفاة ما يزيد عن النصف مليون شخص وإصابة سبعة عشر مليون شخص بالعالم مما أدى إلى توقف دور العبادة والحركة الاقتصادية وهلع الناس والدول لمكافحة هذه الجائحة وكانت المملكة العربية السعودية من الدول السباقة فكان شعارها صحة الإنسان أولًا، توقفت العمرة مع بداية الجائحة؛ حيث كان يتواجد بمكة قرابة النصف مليون معتمر، وساهمت الدولة في علاج المصابين من ضيوف الرحمن خلال تلك الفترة وعودتهم إلى بلادهم بأمن وسلام.
اقترب موسم الحج وكثرت الأقاويل والتأويلات، وفرح الأعداء؛ وكأنهم ينتظرون الزلة والغلطة ليفرحوا ويسقطوا على دولتنا العظيمة، ولكن بخطط مدروسة وتجارب السنين وخبرات بالتفويج وإدارة محكمة، ساهمت في الإعلان على إتمام حج هذا العام في ظل هذه الظروف الراهنة وبتوجيه ملكي واقتصاره على أعداد محدودة من ساكني المملكة العربية السعودية يمثل منهم ٧٠٪ من ١٦٠ جنسية مختلفة.
انطلق موسم هذا الحج تحت شعار حج آمن وصحي، اقترن أداء هذا الركن بسلامة النفس فحفظها من الضرورات الخمس التي حث الإسلام على المحافظة عليها، وخصصت الصحة ست مستشفيات و ٥١ عيادة و٢٠٠ سيارة إسعاف و٦٢ فريق ميداني و٨٠٠٠ متخصص بالرعاية الصحية للمتابعة اليومية لسلامة الحجاج من أي عارض صحي وباشتراطات وبروتوكولات عالية الدقة، وبتنظيم وتفويج يفوق الوصف من قبل رجال الأمن؛ حتى يتسنى للحاج أداء نسكه في راحة وطمأنينة وتم تهيئة صحن المطاف بالحرم المكي وانتشار ٣٥٠٠ عامل عبر المسجد الحرام للتطهير على مدار الساعة وبالمشاعر المقدسة توفرت أحدث التقنيات؛ لتحقيق كافة الاشتراطات والتباعد الجسدي في أجواء روحانية وروعي في يوم عرفة هذا اليوم العظيم نقل خطبته عبر تطبيق الكتروني بعشر لغات مختلفة حتى تصل لكافة أقطار العالم لكافة المسلمين، وقد أشادت العديد من الصحف العالمية بهذا التنظيم في ظل هذه الظروف القاهرة مع انتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد ١٩).
وبلغ عدد العاملين في حج هذا العام ٦٠ ألف من مختلف القطاعات الأمنية والخدمية لخدمة ١٠ آلاف حاج فقط أي لكل حاج ٦ أشخاص يقومون بخدمته على مدار الساعة.
جهود جبارة بذلت على نفقة هذه الدولة المباركة للعناية الدائمة بالمقدسات الإسلامية التي ويلقب ملكها بـ (خادم الحرمين الشريفين) سائلين المولى عز وجل أن يديم على مليكنا الصحة والعافية، ويحفظه من كل شر وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، ولكافة العاملين في راحة ضيوف الرحمن ويبارك في هذه الدولة، ويزيل هذه الغمة عن هذه الأمة لنفرح بعودة ملايين المسلمين إلى بكة المباركة ولمدينة المصطفى عليه أفضل السلام؛ فقد زاد الشوق بهم وزاد الشوق لهم لنتشرف بخدمتهم.