المقالات

أحلام العصافير

كُنا صغارًا لا نعرف من الدنيا إلا البهجة والضحك واللعِبّ، وإذا هطل المطر لهونا كثيرًا، ولا ندخل إلى بيوتنا؛ حتى يغلبنا النعاس، ويرهقنا الجري والتعب.
دنيانا كانت وادعة هانئة بسيطة، وحياتنا ظلت ضاحكة سعيدة مستبشرة لا يعتريها خوف ولا قلق ولا وجل أو غضب، وأحلامنا كانت صاعدة تطير كالعصافير إلى السماء؛ لتعانق النجوم والسُحب.
وكانت آمالنا واسعة ليس لها حدود أو قيود، وتتحدى كل مستحيل يواجهها أو صعب.
وكان لنا أصحاب ورفقاء نُحبهم ويحبونا، ونلعب معهم في الحواري والأزقة، ونقضي معهم سويعات النهار والأصيل لا نشعر فيها أبدًا بالضجر مبسوطين وكأننا في حفلة طرب، والوقت يمضي بنا سريعًا ماتعًا آسرًا كلمح البصر الله يا للعجب!!، ثم ما نلبث فجاءة أن نتشاجر ونتبادل الشكاوي والعتب، وكلً يصيح هذا ضربني وذاك شد شعري، وآخر يكون مُصرًا أن يلعب معنا وإلا سوف يخرب علينا كل اللعب.
عصافير بريئة كنا نعيش، ونلهو لا همًا يزاورنا، ولا قلقًا يسامرنا، ولاحزنًا يُمزقنا، ولا تعبًا ولا ألمًا، ولا كللًا أو نصبّ.

كبروا العصافير وكلُُ طار إلى مكان، منهم من لازال محلقًا وآخرين أصبحوا تحت الثرى يرحمهم الرحمن، ومنهم من فتحت له الدنيا ذراعيها وأصبح من علية القوم وينفق بإحسان، وتلاقت العصافير مرة أخرى بعد أن طال الزمان، وفرت الدموع من العيون شوقًا وحبًا إلى ذاك العصر والزمان، أهذا أنت يا ألله كم غيرتك الأيام يا فلان، ويرد قائلًا، وأنت يا صديقي ألم تلحظ بياض الشعر وثقل الوزن الظاهر في الأبدان.
ونضحك سويًّا، ضحك من لم يضحك أبدًا من القلب؛ لنطرد الهم والأحزان.
ويطول الحديث؛ وكأننا ننهل من معين لا ينضب من الذكريات التي طبعت، ورسخت داخل القلب والأذهان.
ونسأل عن فلان أينه لم نعد نعرف له عنوان؟؟، فرقتنا الأيام، وأبعدتنا وكل رحل في شان.
بعد أن كنا نعتقد أنه لن يفرقنا في هذه الدنيا أنس ولا جان.
ياليتنا بقينا كعصافير وبقيت أحلامنا تطير معها في كل مكان، وياليتنا كنا نستطيع أن نوقف ساعة الزمن من الدوران.
وحين أُقلبّ اليوم البوم الصور والذكريات، وأتأملها لسنين مرت وعدت بسرعة وغرابة، لا أعرف هل أضحك وأبتسم فرحًا وسعادة أم أذرف الدمع عليها وحشة واشتياقًا،
وأردد مع نفسي أشتقت إليك يا أحلام العصافير، اشتقت إلى أرضك وسماك وأطفالك الذين كبروا اليوم وياليتهم بقوا أطفالًا.
لكنها سنة الحياة نعيشها بكل تفاصيلها ومراحلها إلا أن مرحلة الطفولة فيها صفاء وسعادة روحية لا يمكن أن تنسى أو تتكرر.

Related Articles

4 Comments

  1. سلمت يداك،،

    ليت الطفولة تعود يوما،،

    ذكريات لا تموت من الذاكره لحلاوة تلك الأيام،
    بل ونتمنى أن تعود؛ كي نستطعم تلك اللحظات..

    لدي قاعده في حياتي….
    ان استشعر كل لحظة فرح تمر علي …
    فبعض لحظات الفرح اذا لم نعطيها حقها، لن تعود….

  2. وأردد مع نفسي أشتقت إليك يا أحلام العصافير، اشتقت إلى أرضك وسماك وأطفالك الذين كبروا اليوم وياليتهم بقوا أطفالًا.
    لكنها سنة الحياة 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button