د. عبدالله علي النهدي

“همتك”.. همة وطن

جاء توجيه صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله بن بندر بن عبدالعزيز وزير الحرس الوطني، بإطلاق مبادرة “همّتك“، للاستفادة من خبرات منسوبي وزارة الحرس الوطني ولتعزيز مساهماتهم لتكون ضمن إطار مؤسسي، وذلك بهدف المساعدة في تنفيذ الكثير من المشروعات والمبادرات المستقبلية بالتعاون مع الخبرات الفنية والتقنية والإدارية المتراكمة داخل منظومة الوزارة؛ حيث سيتم إنشاء قاعدة بيانات تضم أسماء أصحاب الخبرة والكفاءة من منسوبي الوزارة؛ لإتاحة الفرصة لهم للعمل والممارسة مع استشاريين وخبراء من مختلف البلدان.

والحقيقة أن مثل هذه الأفكار والمبادرات هي ترجمة حقيقية لأسس الفكر الإداري الحديث الذي يدعو للأخذ بمبادئ الجودة في العمل والتطوير، كما وأن ذلك يعد نموذجًا لتشجيع المبادرة والابتكار من قبل أعضاء المنظمة نفسها، كما تضمن مبادرة همتك إتاحة الفرصة لمنسوبي الوزارة للتعلم وزيادة خبراتهم من خلال الاحتكاك بالخبرات الأخرى من خارج الوزارة بل وحتى من خارج المملكة، وهذا بلا شك سيكون له دور كبير في بث روح المبادرة والابتكار والتنافس من قبل منسوبي وزارة الحرس الوطني في الاستفادة والإفادة من هذه المبادرة.

تبادر إلى ذهني وأنا أقرأ عن هذه المبادرة الجميلة، قصة كتاب مت فارغًا “DIE EMPTY” للمؤلف الأمريكي تود هنري؛ حيث جاءت فكرة هذا الكتاب من خلال اجتماع لمدير أمريكي عندما سأل الحضور: ما هي أثمن أرض في العالم؟ فبدأت تأتيه الإجابات، فمنهم من قال إنها أراضي البلدان الغنية بالنفط. ومنهم من قال: إنها أراضي الألماس في أفريقيا وهكذا……!!، لكن المدير ذكر لهم بأن إجاباتهم خاطئة، وقال: إن المقبرة هي أثمن أرض في العالم؟!! فالمقابر فيها ملايين الناس ممن قضوا نحبهم وهم ما زالوا يحملون في جعبتهم الكثير من الأفكار الثمينة التي لم ترَ النور بعد، ولذا حرص المؤلف هنري في كتابه مت فارغًا أن يتضمن هذا الكتاب مجموعة من الأفكار العملية التي تساعد الفرد على أن يفرغ يوميًّا ما لديه من أفكار ومعلومات مفيدة له ولمجتمعه، والمتأمل لهذه الفكرة يجدها صحيحة ومنطقية؛ فكم كان بيننا أناس من أصحاب التجارب والخبرات تخطفهم الموت قبل أن يعطوا ويقدموا ما لديهم من مخزون إما تكاسلًا منهم وتسويفًا أو لعدم وجود من يبادر بتبني أفكارهم وإيجاد قنوات مناسبة لهم ليطرحوا من خلالها ما لديهم من خبرات وتجارب، وهذا هو الهدف من وجود مبادرات مثل (همتك) التي سيكون لها دور فاعل في تطوير مشروعات وزارة الحرس الوطني كما يطمح له سمو وزيرها، وكما تتطلع لذلك القيادة الرشيدة.

أتمنى على بقية الوزارات والمؤسسات أن تحذوا حذو وزارة الحرس الوطني في إيجاد مبادرات مشابهه تضمن استفادة كل جهة مما لدى منسوبيها من أفكار وخبرات، بل ومن الأفضل ألا تتوقف تلك المبادرات عند من هم على رأس الخدمة فقط، وإنما تمتد لتشمل الاستفادة من خبرات وتجارب المتقاعدين في كل مؤسسة من خلال إنشاء مراكز أو أندية للمتقاعدين في تلك المؤسسات، أو على أقل تقدير لو تكون البداية من خلال إنشاء موقع على الشبكة العنكبوتية لكل مؤسسة بحيث يكون ذلك الموقع حاضنة لأفكار أصحاب الخبرات من المتقاعدين، الذين ازعم أنهم سيبادرون في الإقبال على تلك المواقع ويشاركون فيها بفاعلية، حيث ستكون هذه المبادرات متنفسًا لهم في هذه المرحلة العمرية ولتؤكد لهم بأن فرصة العطاء مازالت متاحة أمامهم، بحيث يفيد كل منهم مجتمعه في مجال تخصصه، ولن نقول لهم كما قال الكاتب الأمريكي هنري “مت فارغًا”؛ بل نقول: عش عضوًا فاعلًا ومؤثرًا في مجتمعك، ومت بعد عمر طويل، وقد حفرت اسمك في قلوب النبلاء وذاكرة المبدعين وقبل ذلك مطمئنًا بما لديك من الأجر والمثوبة من الله عزل وجل نضير ما أفدت به مجتمعك ووطنك.

خاتمة:
– قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: “إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها”.
– وفي حديث حق المسلم على المسلم ست: وذكر منها عليه الصلاة والسلام: “وإذا استنصحك فانصحه”.

———————————————

* عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة العامة

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button