زرع محبته في قلوب أبناء المدينة المنورة، بتواضعه وابتسامته الدائمة، ونال شرف خدمة زوار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، منذ صغره فولادته التي كانت على ثرى طيبة الطيبة عام ١٣٤٢هـ، وترعرعه ونشأته في ربوعها، جعلت حياة طفولته متنقلة بين الحلقات التعليمية داخل أروقة المسجد النبوي الشريف، ينهل العلم والمعرفة.
ذاك هو الشيخ عبد الوهاب بن إبراهيم فقيه ـ يرحمه الله ـ، والذي تلقى تعليمة الأولي في كتاب العريف محمد بن سالم، ودرس الفقه على أيدي كبار المشايخ، كما درس على يد شيخ القراء بالمدينة المنورة الشيخ حسن الشاعر ـ يرحمه الله ـ، التحق بالمدرسة الأميرية التحضيرية فحقق فيها مراكز متقدمة على مدى أربع سنوات بفضل الله تعالى ثم ببركة القرآن الكريم الذي حفظه، وجاء إلى مكة المكرمة طالبًا فالتحق بمدرسة تحضير البعثات، واستفاد من تواجده بها، فالتحق في أوقات بحلقة السيد محمد امين كتبي ـ يرحمه الله ـ، وواصل دراسته الجامعية في دمشق.
بدأ حياته العملية مشاركًا في التوسعة السعودية الأولى للمسجد النبوي الشريف في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبد الرحمن الفيصل ـ يرحمه الله تعالى ـ، كما عمل موظفًا في الإدارة العامة للبرق والبريد بمكة المكرمة في عهد مديرها الشيخ عبد الله كاظم ـ يرحمه الله ـ، وكلف بتأسيس مكتب للحوالات والظروف في الرياض؛ والعمل به على مدى ست سنوات، كما عمل في الحقيبة اللاسلكية التابعة لقصر الملك عبد العزيز ـ يرحمه الله ـ في الرياض، وعمل بعد ذلك على تأسيس مكاتب بن لادن في جدة والمدينة المنورة.
تشرف بخدمة زوار المدينة المنورة مع والده وأخيه جعفر ـ يرحمهم الله ـ، وفي بداياته الأولى كان ممن يقف في محطة العنبريه لاستقبال الحجيج والترحيب بهم، وكان يتولى الإشراف على إسكانهم وإركابهم للحافلات، كان شعاره دومًا “خدمة الحاج أمانه ومسؤولية”، وهو الشعار الذي اعتمدته وزارة الحج والعمرة منذ سنوات حتى الآن.
تسلم رئاسة مجلس إدارة المؤسسة الأهلية للأدلاء بتكليف من وزير الحج ـ الأسبق ـ الدكتور محمود بن محمد سفر عام ١٤١٥هـ، وعمل على تطويرها وقيادتها على مدى أكثر من أحد عشر عامًا حتى عام ١٤٢٦هـ، فرسم سياستها ووضع خطتها وتحققت في عهده الكثير من الإنجازات، لعل أبرزها: اعتماد شعار “خدمة الحاج شرف لنا”.
نال احترام وتقدير المسؤولين بالمدينة المنورة، كما نال احترام وتقدير الأدلاء، الذين جعلوه أخًا لكبيرهم، وأبًا لصغيرهم، فكانت كلمته مسموعة، وطلبه منفذ، وجمع الأدلاء أسرة واحدة متماسكة.
توفي ـ يرحمه الله ـ يوم الجمعة ٢٠ /شوال / ١٤٤١هـ وصلي عليه بالمسجد النبوي الشريف عقب صلاة الجمعة، ووري جثمانه في بقيع الغرقد.
0