رحيل الأحبة

يرحل الراحلون عن دنيانا فجأة صغاراً وكبارا، ونتألم ونبكي عليهم زمناً طويلاً ليلاً ونهارا، ونتذكّرهم ونشتاق لهم ونحِنّ إليهم أياماً وليال وأعواما.
ذاك أباً كان لك بعد الله سنداً متيناً وقدوة وإماما، وتلك كانت أماً غالية حبيبة ملهمة، منحتك كل الحب والحنان الواناً والوانا،
وتلك كانت اختاً حبيبة طيبة تقفز كالملاك الطاهر، ليس لها مثيل على روحها ياربي برداً وسلاما، وذاك اخاً له في القلب عندك وداً وتقديراً وأحتراما، وذاك صديق طفولة عرفته سنين تشعل القلب نوراً إذا اشتد الظلاما، وذاك زميل كنت تتنافس معه وتناكفه وتغار منه أياماً وأياما.
وتلك زوجة صالحة كانت معك، تبنون سوياً آمالاً ليس لها نهاية، وتحققون معاً أجمل الأحلاما.
وتلك فلذة كبد رحيلها كان فاجعة تبكيك حتى في المناما.
وذاك جار كريم كنت تراه يسابقك للمسجد ويوزع الطعام على الفقراء حباً وكرامة.

هاقد رحل الراحلون وتركوا لنا في القلوب لوعة وحسرة وجرحاً نازفاً إلى يوم القيامة.
ها قد اختفى الغالون وقد رسموا في العيون دموعاً بقيت علامة.
ونتأسف ونحزن ونندم على أن شغلتنا الدنيا عنهم كثيراً، وكان بينا وبين بعضهم شيئاً من القطيعة والخصاما.
ياليتنا نتعظ اليوم، ونبادر في التواصل مع أحبائنا ونظهر لهم صادق الحب والود انهاراً وأنهارا.
ونترك عنا مسلسلات العتاب والخصام والشك والكذب والتصوير والأفلاما.
وياليتنا نتعلم أن لاننتظر الرحيل للأحبة لكي يزيد حبهم بعد أن أصبحوا اليوم تحت الثرى هيكلاً وعظاما.
وياليتنا نعّتبر ونتذكّر أننا راحلون بعدهم ولو طال المقاما.