في البداية الفريسكا لمن لايعرفها هي حلوى مصرية صميمة..اشتهر أهل الإسكندرية بصناعتها وبيعها؛ حيث يقوم الكثير من الباعة الجائلين بعرض بضاعتهم التي يحملونها على أكتافهم في صناديق زجاجية في الأماكن العامة وشواطئ بحر الإسكندرية، وهي حلوى لذيذة يقبل الكثير من الناس على شرائها.
وأما البائع فهو شاب مصري اسمه إبراهيم عبدالناصر رجب. أنهى للتو دراسته الثانوية العامة بمجموع يصل لنحو 408 درجة، وبنسبة مئوية تصل لنحو 99 في المائة، وهي نسبة تؤهله لدخول كليات النخبة في الجامعات المصرية مثل: الهندسة والطب والعلوم وغيرها من الكليات العليا.
بالصدفة الجميلة يشاهده أحد مرتادي شواطئ الإسكندرية فيعجب بالعمل الذي يقوم به الشاب الذي ترتسم على محياه ابتسامة رضا وسرور وسعادة بما يقوم به. فأراد أن يساعده بأن يشتري منه شيئًا من الحلوى. .ثم سأله عن دراسته أجابه الشاب الذي ترتسم على وجهه ابتسامة واسعة.فيستدعيه ليشتري منه بعض مايعرض من الحلوى، ويدور بينهما حوار يعرف الرجل من خلاله أن الشاب قد أنهى لتوه دراسته الثانوية العامة بمجموع يصل إلى 99 في المائة، وأنه يتمنى دخول كلية الطب البشري ليفرح والديه والأسرة. ويسارع الرجل ليسجل حوارًا مع الشاب السكندري ..وفي كلمات وجيزة يقول الشاب إنه يبيع الفريسكا ليساعد والده الذي يمتهن هذا العمل. وأنه فخور بوالديه الذين وفروا له وإخوانه حياة كريمة رغم بساطة حياتهم ودخلهم المحدود.
وأن نجاحه وتفوقه الدراسي، ونجاحه في الثانوية العامة بدرجات عالية جاءت بعد توفيق الله سبحانه وتعالى، ثم وقوف والديه ووقوفهم خلفه. …وأنهى حواره بالقول أنا فرحان؛ لأنني فرحت أبويا وأمي وأمنيتي أن أدخل كلية الطب لإسعادهم.
وبتيسير الله يحظى هذا المقطع بانتشار هائل على منصات التواصل الاجتماعي؛ ليصل بعد ذلك لوسائل الإعلام المصرية التي تجد في مادته شيئًا إيجابيًّا محفزًا للشباب. فهو يصور قصة مثابرة واجتهاد ونجاح شاب بسيط لديه الأمل والطموح والإيمان بقدرة الله على كل شيء. وتتسع دائرة المشاهدة للمقطع بعد دخول القنوات الفضائية على الخط،
ويصبح إبراهيم بائع الفريسكا حديث البرامج المسائية؛ ليصل الموضوع لكبار المسؤولين في وزارة التعليم العالي المصرية وغيرها من الجهات العامة التي يتبارى المسؤولون بها للاتصال به، وعرض مساعدتهم له؛ لتحقيق أمنيته وإسعاد والديه.
يقول الدكتور حاتم خاطر الرجل الذي قام بتصوير الفيديو وأجرى الحوار مع إبراهيم ليريه لأولاده وأصدقائه. لم أكن أتوقع هذا الانتشار الهائل للمقطع الذي صورته، ولكن الله سبحانه وتعالى أراد الخير لهذا الولد الطيب وأسرته البسيطة.
بقي أن نقول إن هذه القصة الرائعة تظهر مدى قوة شبكات التواصل الاجتماعي في التأثير إحداث الفارق.. كما تظهر قدرة وسائل الإعلام بكل أنواعها في وصول رسائل إيجابية للقارئ والمشاهد والمستمع.
ومن قبل ومن بعد تتجلى قدرة الله سبحانه وتعالى على تسخير الأمور لعباده الذين يتفاءلون برعاية رب كريم إذا انقطعت الأسباب، جاء مداده، وإذا أغلقت الأبواب لايغلق بابه، وإذا قست القلوب نزلت رحماته.
ولعل الدرس الدرس الثاني الذي نتعلمه من قصه بائع الفريسكا وماتحمله من جوانب إنسانية ..أن البعض منا يخطئ عندما يعتقد أن للحياة وجهًا واحدًا لايتغير ولايتبدل. .ويخطئ أكثر أولئك الذين يصابون بالإحباط واليأس لمجرد مرورهم بتجربة قاسية أليمة فلا يكادون يرون في الحياة شيئًا جميلًا، ويتوقفون عند هذه التجربة ولايتجاوزنها.
عبدالعزيز التميمي. – جدة