لا عجب أن نصحو بين يوم وآخر على خبرٍ جميل لكشف قضايا فساد، يسر المواطنين ويقضّ مضاجع الفاسدين، ولنا أن نتذكر مقولة سمو ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- “أنه لن ينجو أي شخص دخل في قضية فساد أيًّا من كان وزيرًا أو أميرًا ومن تتوفر عليه الأدلة”، بل ونفاخر بتلك المقولة التي أثبتت الأيام تحولها إلى أفعال. وأصبحت داعمًا كبيرًا لنشاط هيئة الرقابة ومكافحة الفساد ورسالة معنوية ومحفز إيجابي شجع كل مواطن غيور للإبلاغ عن قضايا الفساد، ومن تورط في هذا الوحل.
ولعل لتزامن كشف بعض قضايا الفساد مع انطلاقة العام الدراسي الجديد في وطننا الغالي فوائد جمة سنجني ثمارها مستقبلًا -بإذن الله- في تعزيز القيم الوطنية والوعي بأهمية النزاهة والمحاسبية ومكافحة الفساد في نفوس أبناء وبنات الجيل الحالي، وطرق ووسائل الإبلاغ عن قضايا الفساد خاصة مع تفاعلهم الكبير مع الأجهزة الذكية، ووسائل التواصل، والاطلاع على المستجدات المحلية والعالمية، والتي أصبحت سلوك حياة، وتشغل حيزًا كبيرًا من برنامجهم اليومي، وأوجدت أبوابًا للنقاش، وطرح الرأي مع الأقران والعائلة، ولربما كفتنا فترات تعليم طويلة المدى ومتأخرة الأثر في هذا الجانب.
وتبقى الجهود العظيمة لهيئة الرقابة ومكافحة الفساد والدعم والمساندة الكبيرة من القيادة الرشيدة رسالة عميقة في قيمتها ومضمونها لهذا الجيل أولاً في استشعار الأمانة والمسؤولية والتربية على التكسب المشروع، والحفاظ على مقدرات وطننا الغالي وثانيًّا في مواجهة فيروس الفساد، والمساهمة في كشف الفاسدين، وتحذير كل من تسوِّل له نفسه طرق هذا الباب.
وإن أمِنَ فاسدون وإن تضخموا، وإن تخفوا فللمكافحة بقية ولكشفهم موعد بإذن الله، ولا استثناء لأي وزارة أو قطاع، ولا عزاء ولا حصانة للفاسدين في المملكة العربية السعودية.