اختطت المملكة العربية السعودية لها خطًا ثابتًا منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، ومن بعده أبنائه إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو ولي عهده الأمين، هذا الثبات مبنيًّا على أساس صحيح من المبادئ الإسلامية، والتقاليد العربية التليدة، ولا غرو فمن هنا انبثق فجر الإسلام، وهنا رسخت مبادئه، وهنا أصل العرب، ومن هنا تدفقت أمواج المد العربي والإسلامي.
والسعودية تعتبر كل ماتقوم به واجبًا يُمليه عليها دينها وعروبتها، وتحتسب ذلك قربات عند الله فهي تقف شامخة ومنافحة، ومدافعة عن المبادئ دون أن تلتفت للمشككين والمتربصين والطاعنين من الظهر حتى ولو كانوا ممن تدافع عنهم السعودية أو تدعمهم وتساعدهم؛ لأنها تسير على مبادئ ثابتة لا مصالح دونية، وحاجات شخصية؛ ولذلك كم خسرت جراء تلك المواقف من مبالغ باهظة، وكم تحملت من تبعات كبيرة، وكم ناصبتها العداء دولًا كبيرة وعالمية، ولكنها التزمت بمواقفها وثبتت عليها الأمر الذي أكسبها احترامًا وتقديرًا عالميًّا؛ حتى الدول التي ناصبتها العداء لتلك المواقف، اعترفت للسعودية بأنها دولة لها كلمتها ومبادئها؛ ولأن العالم الحر المتقدم يحترم أصحاب المبادئ الثابتة، والمواقف الواضحة حتى ولو لم تتفق معه، وسأشير لبعض من تلك المواقف التي وقفتها السعودية، وسجلها لها التاريخ بمداد من ذهب، وإلا فالسجل يزخر بالكثير:
– موقف الملك عبدالعزيز -رحمه الله- مع الرئيس الأمريكي روزفلت بعد الحرب العالمية الثانية حين طلبت اليهود منه أن يقنع الملك عبدالعزيز بأن يتوسط لدي الفلسطينيين (الشيخ الحسيني)؛ ليتصالح مع الإسرائيليين، وقد ذكر له الرئيس الأمريكي معاناة اليهود من النازية، وتشريدهم وغير ذلك فما كان من الملك عبدالعزيز إلا أن قال له وبكل بساطة وصراحة إنكم أيها الحلفاء انتصرتم على النازية فأعيدوا اليهود لأوطانهم التي هجروا منها فأسقط في يد الرئيس روزفلت.
– ومقولته الشهيرة عام ١٩٤٨ م حين قال لزعماء العرب ادعموا الفلسطينيين بالمال والسلاح، واتركوهم يحررون أرضهم بأنفسهم وأمدوهم هو بالمال والسلاح وفق الإمكانيات المتاحة في ذلك الوقت، ومع ذلك أرسل العديد من السعوديين يجاهدون مع الفلسطينيين، وقد سجل لهم التاريخ تضحياتهم وبطولاتهم وشهداءهم.
– مواقف السعودية مع القضية الفلسطينية يعجز مقال مثل هذا عن حصرها فهي قضيتنا الأولى منذ أن بدأت القضية مع الإسرائيليين وإلى الآن ولم ولن تتغير مواقفنا منها إلى يومنا هذا.
– والسعودية كان لها الفضل في اعتراف أمريكا والغرب بمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلة للفلسطينيين بعد أن كانوا يعتبرونها منظمة إرهابية.
-موقف الملك سعود بن عبدالعزيز من الثورة الجزائرية لمقاومة الاحتلال الفرنسي، ودعم استقلالها حتى استخدم ثقله في الضغط على بعض الدول؛ حيث اتصل بشاه إيران في تلك الفترة، وأقنعه للتصويت لصالح الاستقلال في الأمم المتحدة.
-موقف الملك فيصل من دعم دولة مصر وسوريا في حرب إسرائيل حتى إنه قطع البترول عن أمريكا والغرب الداعم لإسرائيل.
-موقف الملك فهد من احتلال العراق للكويت ومقولته المشهورة أما تبقى السعودية والكويت أو تذهب السعودية والكويت.
-موقف الملك عبدالله من الاعتداء على البحرين، ودعم لحكومتها ضد عملاء إيران.
-وموقف الملك سلمان من دعم الحكومة الشرعية في اليمن.
-وكسر الحصار العالمي على باكستان بعد إعلانها عن برنامجها النووي، ووقوفها في وجه أمريكا بالذات لتزويد باكستان بالنفط.
-الموقف من احتلال الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، ودعم المجاهدين الأفغان حتى خرج السوفييت من أفغانستان.
– موقف المملكة الثابت مع الشعب الليبي ضد التدخل التركي هناك وضد تحويلها إلى دولة مليشيات إرهابية.
– وتأتي وقفة المملكة مع لبنان بعد كارثة انفجار المرفأ؛ لتؤكد استمرار ثبات المواقف، ولا ينسى العالم اتفاق الطايف الذي هندسته السعودية، ورمت بثقلها كله، وسخرت للنواب اللبنانيين كل إمكانياتها حتى يتفقوا ويخمدوا حربًا أهلية لمدة 15 عامًا قضت على لبنان أنها تسير وفق ذات المنهج.
-دعم الأقليات الإسلامية في العالم، وبناء المراكز الإسلامية، وتبني المواقف الممثلة لها والمدافعة عنها في المحافل الدولية.
-الوقوف في وجه التنصير والتشييع في أفريقيا، وشرق آسيا.
-المساعدات المالية والعينية التي تقدمها سنويًّا للكثير من الدول والمنظمات.
هذا غيض من فيض للمواقف التي يتشرف بها كل سعودي، ويفاخر بها والتاريخ يجب ذكرها وتسجيلها.