قال صاحبي: هل رأيت السيارات القديمة، والمتهالكة، والدراجات النارية التي تطرق شوارعنا ليلًا، وتبحث بين منازلنا عن ضالتها، والمتلهفين لاستقبالها، من النساء والأطفال، والقليل من الراشدين؟ حاملة معها الخطر الخفي، من مطعوم ومشروب، وربما سوء سلوك؟
الخدمات العامة في غالبية الدول متاحة وتوفر وظائف خاصة لمن ليس لديه مؤهلات ومتطلبات الوظيفة المكتبية، أو لمن يرغب بزيادة دخلة، والعمل وقت فراغه، فقد تغير إيقاع الحياة، ومتطلباتها، كما تبدلت الأنماط والعادات الغذائية، والحياتية بشكل عام وخصوصًا وقت الإجازات الطويلة والقصيرة؛ حتى ألقت علينا بظلالها طيلة العام.
ورغم أهمية هذه الخدمة، والحاجة لوجودها، وفوائدها المرجوة، إلا أنها بحاجة إلى المزيد من الضوابط والتنظيمات، والرقابة الصارمة على تطبيقها، والتشجيع على وجود شركات متخصصة تقدم هذه الخدمة، وأن لا تكون متاحة للأفراد وغيرهم دون تنظيم، فقد سهلت وجود العمل للمقيم بصورة غير نظامية، وساهمت في الوصول إلى المنازل، والتواصل المباشر مع ساكنيها وخصوصًا الأطفال والعاملات المنزليات.
ولعل من المناسب لمن يريد العمل بهذه المهنة، مطالبته قبل منحه الترخيص، الحصول على شهادة صحية بشقيها النفسي والجسدي، وصحيفة أمنية ناصعة، ووسيلة نقل بحالة جيدة ظاهرًا وباطنًا، ونقية من رائحة التدخين خصوصاً، وزي موحد، وعلامة واضحة على المركبة، وبطاقة تعريف شخصي، وأن يكون التحديث لهذه البيانات سنوياً على الأكثر، وغيرها من الاشتراطات التي تحددها الجهات المختصة.
كل هذا لا يعفي الأسر من ممارسة مسؤولياتها بتوفير طلباتها بنفسها، مع التوعية المستمرة لكل من يتعامل مع مقدمي الخدمة بضرورة أن يكون هناك حدود لهذا التعامل، مع حق الاحترام والتقدير، وعدم الاتكال على الصغار والعاملات باستلام الطلبات، والأهم هو عدم اللجوء لهذه الخدمة إلا عند الحاجة الحقيقية.
متعة الطعام والشراب القيام بإعداده، بيوتنا في الغالب لا تنقصها أجهزة المطبخ الحديثة، وما يتم تقديمه من وجبات في المطاعم، تستطيع إعداده بنفسك، والوصفات جاهزة بالصوت والصورة على اليوتيوب، كما أن مكائن إعداد القهوة أصبحت تشاركنا في احتلال زوايا صواليننا، ولعل جلبها ليس من أجل الديكور والتصوير، فهي تغني عن طلب القهوة بأنواعها، فإن كانت باردة، أو مجمدة سخنت قبل أن تصل إليك، وإن كانت ساخنة بردت قبل أن تعانقها شفتيك، وفي كلتا الحالتين لا قيمة لها!! وإن غابت متعة الإعداد فلن يغيب مكسب الصحة والسلامة.
فالخطورة التي تشكلها هذه الخدمة بطريقتها الحالية، أنها لا تثير الفضول، وتدفع عنها الشبهة، في توقفها أمام المنزل، وهذا ما قد يغري باستغلالها من أجل إتمام عملية السرقة، أو ممارسة غيرها من المحرمات بأمن وأمان، وتحت سمع وبصر الجميع، أعلم أن هناك تنظيمات ولكنها بحاجة للتحديث والتفعيل، وربما تعلمون الكثير من قصص التحرش بمن يستلم الطلب.
ما دفعني للكتابة حول هذا الأمر رغم عدم رغبتي في الخوض في القضايا الاجتماعية، هو أمران مهمان، أحدهم سلامة الوطن والمواطن، فقد يجر التحرش بأهل المنزل إلى ردة فعل عنيفة تقود إلى المحاكم وساحات القصاص، أو ترويج للمخدرات وغيرها، والآخر ما لفت انتباهي كثرة السيارات التي تجوب الأحياء بعد منتصف الليل باحثة عن المنزل الذي استغاث بها لتسد رمقه.
قلت لصاحبي:
ليس كل مرسول .. رسول