رفعنا شعار (الإرهاب يوحدنا)، وهي كانت حقيقة لا تخفى على أي عابر سبيل؛ لأنها وحّدت القلوب قبل أن توحد الصفوف،
وها هي اليوم دول العالم أجمع ترفع شعار (كورونا تفرقنا)، وهو شعار لم يأتِ من فراغ. بل إنه أصاب كبد الحقيقة التي تخفى على الكثيرين، فالبعض منا اكتشف معنى كورونا تفرقنا، والبعض الآخر لازال يعتقد أن هذا الشعار يأتي كتعبير عن التباعد الاجتماعي الذي فرضه الفايروس اللعين الذي ضرب أوصال الجسم الواحد قبل أن يضرب المجتمعات بأكملها.
إذا ما أمعنت في هذا الشعار تجد ان كورونا فرقتنا فعلًا؛ لأنها تظهر لك الصديق الحقيقي عن من يرفع شعار الصداقة.
قيل إن الصداقة الحقيقية هي علاج أفضل من الطب، وبما أن كورونا قد عجز العالم أجمع عن مواجهتها، لكن الواقع تحت وطأتها، والذي تمكن الفايروس من اختراق أجزائه تجد أن علاجه يكمن في صديق يتلمس نبرة الوجع في صوته وصمته،
صديق لا يناقشك وإنما يعيش من أجل إسعادك، ويبحث عن البهجة في نفسك، وهذا ما أثبتته التجارب.
كورونا تفرقنا لأنها تضعك أمام واقع صعب تفصل فيه بين المحب والذي يدعي ذلك، تجعلك تقف أمام حقيقة لا تغيرها الأيام، فإنك في وضع أقل ما يقال فيه إنه مأساوي، ولا يرفع من شأنك غير اتصال خفيف يربطك بالعالم الخارجي الذي اضطررت للابتعاد عنه مرغمًا، واتصالًا يسعدك من محب وعزيز وصف لي أحدهم وضعه يقول: كنت أكثر الناس تثقيفًا لوباء كورونا اللعين بين جيراني وأهلي، وأكثرهم التزامًا بالإجراءات الوقائية وجاري وأهله بعيدين كل البعد عن هذه الالتزامات، وكلما نصحتهم جاءتني منهم ضحكة خفيفة مستهزئة مشككة بوجود كورونا ، وبين ليلة وضحاها أصبح هذا الشخص أحد ضحايا هذا الوباء الفتاك، وحين علم جاره الذي لا يصدق شيئًا اسمه كورونا بحاله، أصبح يهرب منه، ويغلق الباب في وجهه حتى بعد أن تعافى وغادره الوجع.
لذلك أقول لكم إن كورونا تفرقنا؛ لأنها تظهر المعدن الحقيقي فليس كل ما يلمع ذهبًا، والحياة دومًا تبدو مروعة وموحشة وبشعة من دون صديقك المفضل.