سعت الرياض لترتيب البيت العربي، وهو ما يعكسه النشاط الدبلوماسي النشط والزيارات التي قام بها وزير الخارجية خلال الفترة السابقة كما أن الرياض أصبحت قبلة لزيارات متواصلة لزعماء وسياسيين من مختلف أنحاء العالم، وإليها تتجه بوصلة السياسة في منطقتنا، ولم تتوقف قاطرة السياسية السعودية عند بوابة الدبلوماسية، بل اتجهت لتعد نفسها لاستقبال العالم خلال الأسابيع القادمة في قمة اقتصادية ترسم ملامح الاقتصاد العالمي، وتحمل العديد من البرامج الثقافية والتنموية والاقتصادية لدعم الشباب والمرأة والاقتصاديات الناشئة.
ثم واصلت مسيرتها بتحقيق منجز جديد على الصعيد الثقافي بفوزها بعضوية لجنة التراث الثقافي غير المادي في اليونسكو محققة سبقًا لم تحظَ به إلا عدد محدود من الدول، وهو عضوية ثلاث لجان تابعة لهذه المنظمة الأممية، هذا الترشيح أتى ليؤكد مجددًا على مكان السعودية بين الدول، ودورها في بناء السلام والمساهمة بفاعلية في إرساء مبادئ الثقافة والعلوم، وترسية السلام بين الشعوب وخصوصًا الشباب عبر الكلمة، والرسم، والمسرح، وغيرها من الفنون، إضافة لجهودها الدبلوماسية المستمرة على مسرح الأحداث العالمي.
وللرياضة نصيبها وموقعها على خارطة الأجندة السعودية باستضافتها، العديد من المناسبة الرياضية العالمية كسباق داكار التي نقلته قنوات ما يزيد عن مائة وخمسين دولة حول العالم، وسباق “السعودية للفورمولا الذي أصبح نافذة للعالم يرى من خلالها ما وصلت إليه بلادنا من تطور في كل الأصعدة واستعدادها لاستقبال السواح الذين يتوقون لزيارة السعودية والتعرف إليها عن كثب، ناهيك عما تساهم فيه هذه الفعاليات الرياضية من فرص استثمارية في ظل رؤية سعودية طموحة قادرة على أن تجعل السعودية أيقونة للعالم في كل المجالات، إلى جانب أهميتها الدينية لكل المسلمين في العالم.
واستمرارًا لهذه النجاحات ألقت السعودية بخبرتها وثقلها وطموحها لاستضافة بطولة أمم آسيا تحت شعار “معًا لمستقبل آسيا” عندما تمعّنت في الشعار الذي رفعه الاتحاد السعودي لكرة القدم، وجدت أنه يحمل رسالة بالغة الأثر؛ وخاصة في التوقيت الذي نعيشه حاليًّا، والذي اختلطت فيه الكثير من الأمور فضاعت معها الكثير من الفرص لبناء الأوطان وتنمية الإنسان، من هذا الشعار نستنتج أن السعودية لا تعمل لمصلحتها، بل من أجل محيطها الواسع، وأننا بلد محب للسلام، فلا مستقبل إلا بحلول السلام، إنها رسالة سعودية بالغة الأهمية تفتح آفاق ومجالات النمو والازدهار أمام شعوب القارة الصفراء، فهل هناك ما هو أجمل من الرياضة في بناء الصداقة بين الأفراد والشعوب؟، وهل هناك وسيط فعّال في تحقيق الوئام، وتضرب به الأمثال في سمو الأخلاق سوى الرياضة.
وحتى تتكامل جميع الأدوات السعودية بتقديم وجهنا المشرق والجميل للعالم، فنحن بحاجة لهذه المناسبة الرياضية، التي غُفل عن أهميتها في عالمنا العربي وتأثيراتها المباشرة، ولم تنل حقها من الاهتمام الذي تركز على أدوات القوة الناعمة الثقافية والأدبية والفنية، في حين أن الأمم الأخرى وظفت الرياضة كأحد وسائل قوتها الناعمة، على سبيل المثال تعد كل من ألمانيا وبريطانيا من أكثر الدول في توظيف الأحداث الرياضية لتسويق نفسيهما وتحسين صورتهما الذهنية أما العالم، وتحقيق العديد من المكاسب الاقتصادية.
فقد حددت بريطانيا أربعة أهداف تسعى لتحقيقها من استضافة دورة الألعاب الأولمبية وأولمبياد المعاقين:
1- ثقافة التعايش.2- المكاسب الاقتصادية.3- الوقاية الأمنية.4- السمعة العالمية.
هذه الأهداف وغيرها نستطيع تحقيقها فعلًا وتقديم أنفسنا بأنفسنا للعالم، فلدينا الكثير من الكنوز التي لم نكشف النقاب عنها للعالم، فنحن بشهادة الأمم المتحدة من الدول التي تحتل الصدارة في المساعدات الإنسانية، نمتلك أماكن سياحية وتراثية وتاريخية متنوعة تزيد عن العشرين ألف موقع، لدينا تنوع ثقافي ومناخي وزراعي، لم يعلم العالم عنها، وأحد أهم ما يمكن أن نقدمه للعالم هو الإنسان السعودي المحب لسلام والتسامح والتعايش، ولم يكشف الإعلام النقاب عن هذه الجوهرة الثمينة التي ستساهم الرياضة والسياحة في إزاحة الستار عنها.
وأخيرًا هذه المنجزات، وهذا الطموح بحاجة لإعلام يتبناه، إعلام ذو رسالة وذو أهداف مرسومة، ومحددة بدقة يجب تحقيقها، كما أننا بحاجة لفرع آخر من هذا الإعلام، وهو الإعلام الرياضي المتخصص، وهنا رسالة لوزارات الخارجية والإعلام والثقافة والرياضة وكليات وأقسام الإعلام،.. الوطن أمانة في أعناقكم، فماذا أنتم فاعلون؟