د. عبدالله العساف

اليوم الوطني إنجازٌ وإعجازٌ

قال صاحبي: هذا يوم عظيم، يسطر بأحرفٍ من نور، يوم التوحيد، يوم الاجتماع، يوم الانتقال من مرحلة الفرقة والترحل إلى الوئام والاستقرار، والبناء، في مثل هذا اليوم وقبل تسعة عقود دخلت بلادنا في سباق مع الزمن، وتغلبت على كافة الصعوبات والتحديات؛ لتقف حيث هي الآن جنبًا إلى جنب مع الدول الكبرى سياسيًّا واقتصاديًّا، وفي مختلف مجالات الحياة.
ما يميز السعودية، أنها صنعت المستقبل بدلًا من إضاعة الوقت في انتظاره، لم تخشَ من التغيير والتحديث؛ لذا قامت خصوصية المشروع التنموي السعودي على العديد من الأسس في فكر ووجدان القيادة وطموح المواطن، وهو ما مكّن المملكة على مدى هذه العقود من الوقوف بثبات أمام الصعوبات والتحديات في سبيل بناء دولة حديثة تحتضن الحرمين الشريفين تفتخر حكومة وشعبًا بخدمتهما والسهر على راحة قاصديهما، وتعمل على تنمية مواردها، وتحقيق الأمن والرخاء لأبنائها.
هذا عن حاضرنا المجيد، فماذا عن ماضينا العريق؟ لم يكن التوحيد أمرًا سهلًا بل كان عملًا مضنيًّا استغرق ثلاثين عامًا من الكفاح إلى حين إعلان قيام المملكة العربية السعودية في سبتمبر 1932م، وكان الملك عبدالعزيز؛ بالإضافة إلى عبقريته العسكرية ذا حس سياسي، فلم يتوقف عند مجرد التوحيد، بل توجه فورًا إلى تثبيت كيان الدولة تحت قيادة سياسية واحدة بحيث تصير لها وحدة حضارية تواصل بها الرسالة التي انطلقت منها، فسيرة الملك عبدالعزيز-رحمه الله- سيرة عطرة مليئة بقصص الكفاح والإصرار التي يجب استلهامها كشخصية ناجحة ذات عزم وصبر ورؤية وإصرار على تحقيق الهدف والتغلب على الصعاب وتحقيق النجاح.
اليوم الوطني ليس مجرد احتفال، بل رؤية وإصلاح وتنمية ومراجعة وحلم يتحقق في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان -حفظهم الله، ففي هذا العهد الزاهر تبنت المملكة «رؤيتها2030» لتكون منهجًا وخارطة طريق، رسمت التوجهات والأهداف والسياسات العامّة للمملكة، لتكون المملكة نموذجًا رائدًا على كافّة المستويات؛ ولذا تمت إعادة هيكلة بعض الوزارات والأجهزة والمؤسسات والهيئات العامة بما يتوافق مع متطلبات هذه المرحلة.
ويحقق الكفاءة والفاعلية في ممارسة أجهزة الدولة لمهامها واختصاصاتها على أكمل وجه، ويرتقي بمستوى الخدمات المقدمة للمواطن وصولًا إلى مستقبل زاهر وتنمية مستدامة، من خلال برنامج التحول الوطني وفقًا لمحاوره الرئيسية الثلاثة المتمثلة في: تعزيز الممكنات الاقتصادية، وتحقيق التميز في الأداء الحكومي، والارتقاء بمستوى الخدمات المعيشية والصحية، ولعل العالم شاهد وسمع خطاب الملك سلمان حفظه الله لمواجهة وباء كورونا فقد سطرت السعودية مواقف دولية تاريخية في مواجهة هذا الوباء العالمي محليًّا ودوليًّا، عايشها القاصي والداني وقدمت نموذجًا سعوديًّا فريدًا لمحاصرة هذا المرض وأثاره النفسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأما على الصعيد الخارجي عربيًّا وإسلاميًّا ودوليًّا في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان – يحفظه الله – سجلت المملكة ريادةً مشرفة في دعم القضية الفلسطينية، ذات الأولوية الخاصة على قائمة السياسة الخارجية السعودية، بالإضافة إلى المواقف المشهودة لحفظ أمن واستقرار المنطقة العربية بشكلٍ عام، ومناصرة قضاياها الخاصة بكل دولة من العراق وسوريا إلى لبنان مرورًا اليمن وليبيا والسودان وغيرها من الدول العربية.
كما كان للسعودية مواقفها المشهودة في الدفاع عن الإسلام وتبيان سمو رسالته وتبني مواقف السلام والاعتدال ومحاربة الإرهاب والتطرف وقيادة الحوار العالمي بين أتباع الأديان والثقافات والإسهام في تحقيق التوازن الاقتصادي وتكافؤ الفرص وتوفير فرص العيش الكريم للشعوب، وهي أعمال ومبادرات أسهمت على جانب ما يحظى به – رعاه الله- من سمات قيادية متميزة وصفات نبيلة في إبراز مكانته كقائد عالمي كما أسهمت في حفظ مكانة المملكة كدولة رائدة، وسوغت دخولها إلى نادي العشرين الكبار لتكون من صناع القرار الاقتصادي العالمي، ومن المبادرين لقيادة هذه المجموعة في عقد أول اجتماع افتراضي لمجموعة العشرين لمواجهة جائحة كورونا.
قلت لصاحبي:
اليوم الوطني يعني أن يظل المواطن محورًا فاعلًا وثابتًا لكافة خطط، وبرامج التنمية الشاملة.
اليوم الوطني يعني الحفاظ على الأمن والاستقرار داخل الوطن، وأن يصبح الجميع عيونًا ساهرةً؛ لحمايته وحفظ أمنه واستقراره.
اليوم الوطني ليس يومًا واحدًا في العام، فكل أيامنا للوطن.
حين نتغنى في يوم الوطن؛ فنحن نتحدث عن مشاعر تفيض بالحب والانتماء لهذا البلد الغالي، مع اليقين بأن حب الوطن ليس شعارات ومشاعر نغدقها في كل مناسبة وطنية فحسب، بل هو عمل وعطاء بكل وسيلة متاحة يمكن أن تسهم في بنائه وتطوره.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button