تظل الذكريات الجميلة منقوشة في الأذهان ولاتُمحى أبدا، ويأخذ الحنين عادة الإنسان كثيراً في تصورات لتلك الذكريات كلما استدعى في مخليته طيفها، فتجده يعانقها، ويسامرها، بل ويحادثها حتى ولو كان هذا الحديث همسا. فالحب الصادق متأصل في النفوس الطاهرة. ولنا أن نتصور مدى حجم هذه الذكريات في دواخل الإنسان، ومدى السعادة التي تحل عليه والتي لاتُقدر بثمن، فكيف إذا كانت هذه السعادة بحجم الوطن، بل هي الوطن نفسه من خلال الذكريات السعيدة بالاحتفاء بيوم الوطن الغالي للمملكة العربية السعودية. فدعونا نتوقف هنا قليلاً يا أوفياء؛ لنسمي هذا الوطن سويا وطن الحب، بل نسميه معا وطن العشق، بل ننعته جميعا بوطن الغرام، بل نُنْصفه؛ لنَصِفه بحروف صادقة صادرة من القلب مكتملة، و مجتمعة، ومتصلة؛ بوطن الحب، والعشق، والغرام.
ولكن في الواقع ومن فرط حبنا لهذا الوطن المبارك تناسينا أن هناك عدو ظاهر لنا، وليس بخافٍ علينا، ويبدو أيضاً أننا ظننا أنه سيتقاضى عنا في هذا اليوم المجيد. وكأننا لم نُدرك حتى الآن أبعاده الخطيرة، ولم نعي تماماً حتى اللحظة إصاباته المؤلمة، وهجماته الشرسة. فكم من الأسر التي تألمت بسببه والحمد لله على كل حال. وبهذه المناسبة يقول المتحدث الرسمي لوزارة الصحة في تغريدة هادفة عبر تويتر: ” ماحدث من ازدحام وتجاوز للاحترازات الوقائية في اليوم الوطني مقلق ومؤسف جداً، الوباء لا يزال موجود وبقوة، التساهل والتهاون يمكن أن يعيد زيادته وتسارعه لا سمح الله. حافظوا على صحتكم، وسلامتكم، وحياتكم، وحياة من تحبون. نأمل منكم التعاون “. نعم حب الوطن كبير، وكبير جدا ولكن لايعني هذا أن نتجه إلى الأماكن المكتظة، بل من الممكن الاحتفاء بوسط الأسرة الصغيرة أو على مستوى الأسرة الكبيرة، أو من الممكن الدعاء لهذا الوطن الغالي، ولقيادته الحكيمة بالخير، والسعادة، والتوفيق. والوطن لا مقياس محدد لحبه، ولعشقه.
إن من المأمول من جميع أفراد المجتمع التقيد بالإجراءات، والاحترازات الصحية المعلنة مسبقاً من وزارة الصحة سواء في هذه المناسبة الوطنية الخالدة، أو في أي مناسبة جديدة على مستوى الوطن، أو في مناسبات اجتماعية أخرى. فما لوحظ من تكدس غير مبرر في بعض الأماكن العامة، أو في بعض المواقع السياحية، أو في بعض المجالس الخاصة، أو غيرها من التجمعات شيء لايتوافق من التعامل الحذر مع فايروس سريع الانتشار والعدوى. فلا يعقل أن مجهودات وزارة الصحة وغيرها من الجهات الحكومية ذات العلاقة، ومانجحت فيه في شهور سابقة يهدم في أيام معدودة. نعم حب الوطن يفوق الوصف، ويتجاوز التوصيف ولكن يظل الوطن في حاجة ماسة لسلامة أبنائه؛ للنهوض به في كل وقت، وفي كل مكان. إن من الأهمية أن نرجح العقل على العاطفة، وأن نرجح المنطق على التصرفات غير المسؤولة. حفظ الله الجميع من كل مكروه وسوء. أما أنت يا وطني فكل يوم يمضي عليك ندعو الله تعالى أن تكون في خير، وأمن، وأمان، وإيمان في ظل القيادة الرشيدة.