المقالات

رفقًا بالقلوب يا أحبة

آهٍ مِنْ قلبٍ ينكسرُ في النهايةِ ولا أحدَ يعرفُ سرَّهُ، آهٍ مِنْ قلبٍ أشبهُ بمعزوفةٍ وقعتْ بيدِ الجميعِ ولا أحدَ عرفَ سِرَّ عزفِها. فروغ فرخزاد.
في عالم اليوم المليء بالمهام المتشابكة، وفي ظل تعدد المشتتات وأبرزها دخول الأجهزة الذكية في حياتنا وما ساهمت به من تشوش فكري أثناء إنجاز مهامنا وأدوارنا اليومية، هذا بالإضافة إلى أثرها على العلاقات الأسرية والاجتماعية وما أصابها من تغيرات سالبة -وفي الحقيقة لست بصدد مناقشة أثر التقنية على العلاقات الأسرية وحيثياته- ولكن ما يهمني أن البعض أصبح يُعاني من وجود بعض جوانب القصور والضعف والتباعد الأسري، بالإضافة لما يعترك الحياة في المحيط الخارجي من أزمات إنسانية، وما شابه.
كل هذا شكل عبئًا وضغوطًا حياتية على الإنسان المعاصر. ومن هنا غدى تعلم أساليب إدارة الضغوط وحل المشكلات وتمارين الاسترخاء ليس من قبيل الترف، بل من الضرورات الحتمية لحياة صحية وإيجابية.
إن تعرض الإنسان للأحداث النفسية الكبيرة المفاجئة أو الضغوط أو الإجهاد العاطفي أو المشاكل المالية أو فقدان أحد الأحبة أو القلق المفرط أو الجدال والخذلان الحاد قد يعرض البعض لما يعرف بمتلازمة القلب المنكسر Broken Heart Syndrome.
لقد تم الإبلاغ عن أول حالة لهذه المتلازمة في اليابان عام 1990م. تشابه أعراض هذه المتلازمة أعراض النوبة القلبية الحادة؛ حيث قد يشعر الفرد بألم شديد ومفاجئ في الجهة اليسرى من الصدر، ضيق في التنفس وعرق، اضطراب وتسارع في نبضات القلب. لكن في هذه المتلازمة لا يحدث انسداد للشرايين، وإنما هو اضطراب مؤقت في تدفق الدم فيها.
لم تتوصل الدراسات إلى السبب الرئيسي لهذه المتلازمة، ولكن هناك اعتقادًا أن هذا الاضطراب قد ينتج عن الارتفاع المفاجئ والحاد في نسبة بعض الهرمونات التي تفرز في الانفعالات النفسية مثل الأدرينالين.
عادة الأشخاص في هذه المتلازمة يتعافون ولاينتج عنها تأثير طويل الأمد. إلا أن هناك بعض الحالات قد تنتج لها مضاعفات مختلفة.
يتم توجيه جزء من العلاج في هذه المتلازمة إلى تعلم إدارة الأعراض ودعم الأفراد؛ لتحسين قدراتهم على إدارة الإجهاد والضغوط. ومنها توجيههم للاستفادة من كتب المساعدة الذاتية وتعلم حل المشكلات وتمارين الاسترخاء. وتعلم تقنيات التأقلم الصحية للسيطرة على الإجهاد.

من هذا المنطلق وفي يوم 29سبتمبر وهو اليوم العالمي للقلب تحت شعار “أنعش حياتك” أقول: “رفقًا بالقلوب يا أحبة”.
عن عائشة رضي الله عنها: أَن النبيَّ ﷺ قَالَ”: إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفقَ، وَيُعْطِي على الرِّفق ما لا يُعطي عَلى العُنفِ، وَما لا يُعْطِي عَلى ما سواه”. وعنها: أَنَّ النبيَّ ﷺ قَالَ”: إِنَّ الرِّفقَ لا يَكُونُ في شيءٍ إِلَّا زَانَهُ، وَلا يُنْزَعُ مِنْ شَيءٍ إِلَّا شَانَهُ”.
فليكن اللطف والرفق الإنساني أسلوب حياة لنا. ليكن الدعم والإنصات الفاعل وكلمات الحب بلسم يومي لمن حولنا. فالجميع في حاجة للدعم النفسي؛ خاصة في ظل ما نمر به من ظروف استثنائية هذا العام. خفف حدة التوتر فكم من جدال عقيم أفضى لنزاع وضغوط حياتية، لا ضير أخسر الجدال وأكسب القلوب.
ولنتعلم مهارات إدارة ضغوط الحياة فالحياة ليست كما نريد دومًا.. فيها المستطاب وفيها العلقم. لنستمتع بالمستطاب، ولنقبل العلقم مع تعلم استراتيجيات تحسينه.
إن مهارات إدارة المشكلات وأساليب الاسترخاء من الأساليب الضرورية في مواجهة الحياة، والتي علينا تعليمها أيضًا لأبنائنا.
والقاعدة المحورية في الحياة تعلم دائرة التحكم وهي: تحكم فيما يمكن التحكم فيه بداية بحالتك الذهنية.. وتقبل كل مالا يمكن تغييره.
أعطي كل شعور حقه، اسمح لنفسك بالتعبير بهدوء عن كافة المشاعر السلبية من الضيق والحزن والاكتئاب، ولكن لا تستسلم لها، فمن الطبيعي أن يمر البشر بكافة المشاعر المختلفة. ومن الطبيعي أن يتخطوها وتستمر الحياة بإيجابية.
ودامت قلوبكم بالحب نابضة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button