كان وحيد كاتبا، ويستشعر أنه وحيد !
ماانفك هذا الشعور يلازمه دائما، حينما يكتب ولا يلقى صدى لكتاباته “الوحيدة” ! …
لم أتعارف أنا و وحيد إلا منذ فترة وجيزة، لكننا نحس في دواخلنا أننا متعارفين منذ سنين عديدة مديدة سعيدة..
وذات ليلة “بلوتية” أخذ يحدثنا عن نفسه قائلا:
[ كتبت ذات يوم عن “الأدب في زمن العميان” واستشهدت ببيتين من قصيدة لشاعر “نسيت اسمه ذحين” !
أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبي
وأسمعتْ كلماتي من به صممُ؟
أنام ملء جفوني عن شواردها
ويسهر الخلق جرّاها ويختصمُ
وعلّقت حينها في ذات المقال وقلت: روح ياشيخ ! ، تريدنا أن نسهر على قصائدك ونترك ماهو أهم ؟!
وبعدها بدأت أغيّر تفكيري ومنهجي في الحياة بشكل كامل، حينما استيقظت من (غفوتي الطويلة)، وانتبهت إلى أنني أفنيت نصف عمري في السعي بين أروقة مؤسسات تسمي نفسها أنها أدبية وثقافية، وتطلق على أعضائها كلمة “أدباء”، وأنها تهتم بالأدب، بينما ينقصها ذلك !
كما تدّعي أنها تهتم بالثقافة، وخير لها أن تستبدل (الثاء) باللام، كيما يستقيم المعنى !
وتأكدت فعلا أنها (ماتوكّل عيش) !، حينها قررت أن أتجه لمجال ٱخر مختلف تماما !
بدأ بالبحث عن أشهر القنوات العربية التي تهتم بالرياضة والرياضيين، والتي اختزلت الرياضة (كلها) في كرة القدم !، فوجدت بغيتي بسرعة لم أكن أتوقعها…
وبعد مقابلات واختبارات وتمحيصات، والأهم “واسطات”، تعاقدت مع القناة، على أن أبتكر برنامجا جديد، وأكون أنا من يقوم بالإعداد والتقديم والإخراج !، لعدم قدرة القناة “المالية” على توظيف موظفين في الإعداد والإخراج، كنوع من “ترشيد الاستهلاك” ورفع “الإحراج” !
بدأت فورا في إعداد ذلك البرنامج وأسميته “ولّع ياديربي” !
وكنت أعد البرنامج أثناء سهراتي مع “الشلة” !، وأستقي من بين دخان “السجائر والشيش والمعسلات” التحاليل الرياضية المتناقضة المتضاربة، كتضاربهم في “البلوت”، وأستفيد منها في برنامجي، وأقنعت مسؤول القناة أن يُبث مباشرة في العاشرة مساء، حتى لايتعارض مع برامج أخرى (مقلِّدة) منافسة، فينصرف عن قناننا الجمهور الكريم !
وأن يكون بشكل يومي، حتى يوم الجمعة والإجازات الرسمية والأعياد ورمضان والحج !
باختصار: أن يكون على مدار العام، ولا ينقطع ولا يوم !
كما عينتُ ثلاثة من مرتادي ذات “الشلة” محللين رياضيين “بمبلغ وقدره”، بحيث يظهرون على الشاشة بالتناوب !
كسبتْ القناة من خلال برنامجي الوحيد “الأصلي” الكثير من الجماهير في فترة وجيزة، وأصبح الرياضيون (لاعبون، حكام، محللون، ومشاهدون) يحلمون “مجرد حلم” أن يظهروا في برنامجي، ولو لثوان معدودة، وعبر قناتنا المتفردة ” الوحيدة” من نوعها !
بل أن التجار والمعلنون والشركات، حتى الأجنبية، أصبحت تتنافس على الإعلان أثناء بث البرنامج، وصارت الثواني القليلة للإعلان عن منتجات مثل: (الصابون والشامبو وشفرات الحلاقة ومنظفات “البالوعات”، ةوغيرها…)، تكلف ملايين الريالات، من خلال عقد حصري سنوي !
ولكن، وما أسوأ “لكن” هذه التي تأتي بعد جملة من جُمل الجمال، وتلك قصة أخرى !].
وحينما أوقفت أنا و”ربعي” اللعب مؤقتا، وانتبهنا له بكافة حواسنا، وركزنا عليه أنظارنا، تشوّقا لما سيقول، سحب بقوة “شفطة” من “شيشته” التي آذن جمرها بالأفول، ثم نفثها بقوة أيضا، مما حجب عنا رؤية وجهه مؤقتا، وزفر زفرة طويلة، ثم رمى أوراق اللعب بقوة، مما جعلها تتناثر في جميع أرجاء “الديوانية “، وقال: لاشيء يستمر على حال. وأردف: اللعب “كاشو” !
ونهض مسرعا واضعا “الشماغ” على كتفه، و “القبعة والعقال” على رأسه،وقال: بكرة نكمل !
وفشلت جميع محاولاتنا لتهدئته، لكي يكمل القصة: ( ياابن الحلال “يهديك يرضيك”، طيب لاتكمل “السالفة ذحين، وخلها بكرة”، اجلس واهدأ و “خذ لك فنجال شاهي يعدل مزاجك”) !
لكن للأسف قال وحيد كلمته النهائية التي لايستطيع أحد معارضتها: (بكرة نكمل) !
الحكاية ليس لها نهاية
تتكرر كل يوم
كل يوم يبرز لنا سفيه ويشتهر سخيف
وينتفخ تافهة ثم ينفجر
فعلا نادية
هو ذاك للأسف الشديد
شكرا لمشاىكتك وتعقيبك
ابداع ابو اسامة وفقك الله
شكرا لك أخي أحمد
وحيد ليس الوحيد في العالم المضطرب… هذه المشكلة التي طالت للأسف أغلب أبناء الجيل. بالرغم من أهمية التنوع والتغيير المستمر، ألا أن وضوح الرؤية والرسالة الذاتية هي التي ممكن أن تجعل من وحيد المضطرب إلى وحيد ثابت مميز في عالمه الذي اجهده… دام اليراع
أولا: كان الأجدر بالمقال أن يلقى على إحدى منصات الأندية الأدبية.
ثانيا: لو كان لنظرات وعبرات المنفلوطي ملحق لكان مثل هذا المقال أحد مضامينه، ماشاء الله!
ثالثا: ليست حال وحيد عن أحوال كثير منا ببعيد.
شكرا لك أسناذ خالد مولانا على هذا الكلام الراىع، من أعماق الروح ومن بين حنايا الفؤاد…
لكنك بالغت يارجل ..
ولست إلا كاتب مبتديء..
بارك الله فيك
فعلا هذه هي المشكلة
شكرا لتعقيبك وإثرائك أختي فاطمه الشريف
فعلا هذه هي المشكلة
شكرا جزيلا لتعقيبك وإثرائك للموضوع أختي فاطمه الشريف