حققت وسائل التواصل الاجتماعي شهرةً كبيرةً لبعض مستخدمي هذه الوسائل حتى أصبح يُطلق عليهم المشاهير، ولسهولة الوصول إلى الشهرة، والتي لاتعتمد كثيرًا على معدات وأجهزة متطورة ومعقدة بل على الجوالات الحديثة المزودة بكاميرات، وتفرغ شبه كامل للتصوير والبحث عن محتوى يجذب فئات معينة حسب كل هوى وتوجه، وتختلف المحتويات التي يعتمد عليها ما أصبح يطلق عليه مشهورًا أو مشهورة بحسب الهدف الذي يسعى إليه والغاية من النشر، ولاشك أنه في الناهية تُقاس مدى شهرته أو شهرتها بعدد المتابعين وقدرتهم للوصول إلى تحقيق الإعلانات التي ستدر عليه بالدخل الذي يفوق التوقعات، وكل ذلك لا غرار عليه وهي خدمة أصبحت تثقف المجتمع بأمور كثيرة ومثيرة، سواءً من ناحية عرض وتسويق للمنتجات، تسويق للمطاعم، والصوالين، وعيادات التجميل أو تقديم النصائح والخبرات في المجالات المختلفة مثال الطبخ والتدريب والماكياج وغيرها كثير، وبالطبع مع استخدام المتاح من وسائل التواصل الاجتماعي مثل الواتس آب، الفيس بوك، والسناب، تويتر، تيك توك، وانستغرام وبالطبع قنوات اليوتيوب كأمثلة على ذلك، وما سوف يأتي به المستقبل.
وأصبح للمشاهير متابعون يتابعونهم ليلًا ونهارًا، ويثقون بما ينشر منهم، ويتسابقون على المنتج والمحتوى للوصول إليه، وبالطبع الشركات المعلنة أو المقدمة للخدمة يهمها قوة الانتشار، وسرعة الوصول إلى الزبون، وتربية عملاء دائمين.
ولاشك أن هناك من هؤلاء من يطلق عليهم المشاهير، لديهم محتويات قوية ويحترمون ما ينشر عنهم، ولذا فهم حريصون كل الحرص على أسمائهم وسمعتهم وماينشر عنهم. والكثير للأسف أصبح همه وشغله الشاغل الدوران فى الأسواق والتجول في الشوارع والمرور على المعارض والمطاعم والتسكع ليلًا ونهارًا ينشر كلما تلتقطه كاميرته مع وضع خلفية موسيقية لجذب المتلقي، وهؤلاء لهم متابعيهم ويركضون خلفهم، ولذا فإن كثيرًا مما يعرض علي شاشة الجوال ليس عليه رقابة تجارية لتحديد مواضيع الغش التجاري وصلاحيات المنتج، إلا إذا قدمت شكوى لأحد تلك الأسباب.
وعندما ينشر أحد المشاهير عن مطعم أو مخبز أو بضاعة تجد طوابير من المتابعين يتسابقون للحصول عليها مما يجعلها تنفذ بسرعة من المتاجر والمحلات مهما كان مستواها أو حتى كفاءتها المهم أن المشهورة الفلانية قد أشادت بها،
وهنا نأتي إلى أهمية المسؤولية الاجتماعية وأيضًا المسؤولية القانونية، وبالطبع لن أخوض في المسؤولية القانونية بحكم عدم التخصص، ولكن سوف أمر عليها مرور الكرام لأترك المجال لأصحاب التخصص، ولكن يهمني بالقدر الأول المسؤولية الاجتماعية والتي يجب أن تكون هي الأساس لدى المشاهير، ومسؤوليتهم عما يقدمونه من محتوى وفق معايير يجب أن تعتمد في المقام الأول على الأخلاقيات والأمانة والصدق والجودة والتجربة، واضعًا المكسب المالي في ميزان الثقة وما يمكن ان تكون له آثار إيجابية أو سلبية لما يعرض، والذي من الممكن أن يؤدي إلى مكتسبات أو خسائر صحية أو مالية للمتابع. والترويج لمنتجات لم يتوثق من صلاحيتها أو مصداقيتها، أو مستحضرات تجميلة ذات أثار ضارة أو مواد ومكملات غذائية كلها تهدد الصحة العامة، بل تجدهم يروجون لها بشكل مبالغ فيه لدرجة يخلقون الإيمان لدى المتابع بجودتها ووصفتها السحرية.
ولذا فإن كل مايُنشر هو أمانة في رقبة الناشر يتحمل وزره وذنبه في دنياه وآخرته، ولا يمكن أن يتهرب من هذه المسؤولية الاجتماعية أمام متابعيه فهي أعظم بكثير من المسؤولية القانونية؛ لأنها تنبع من الداخل ومن الإيمان بأنه محاسب أمام الله قبل أن يحاسب من مجتمعه من منطلق الإضرار بالناس.
ولذا فإن على المشاهير أن يراقبوا الله قبل كل شيء، وأن يكونوا صادقين وواثقين ومجربين لكل ما مايروج وينشر عنهم. وعدم إخفاء السلبيات وإظهار الإيجابيات بالشكل الذي يخدع المتلقي.
أما ما يخص المسؤولية القانونية فإن كل ناشر لما يؤدي إلى حصول شبهة جنائية أو جرمية أو خطر وضرر يهدد الفرد أو المجتمع أو البيئة أو حتى السلوك العام والذوق العام؛ فإنه يجب أن يحاسب عليه قانونيًّا وشرعيًّا، وأن يلقى الجزاء الذي يستحقه بسبب ما نتج عنه من إضرار، وإخطار، وجرم قانوني.