تُعاني المملكة من هجرة الشباب إلى المدن مما يستتبع انتقال كامل العائلة إلى المدينة، وهي من الأمور المربكة لخطط التنمية في أي بلد، وتؤدي لهدر مالي كبير لتوفير الخدمات كالطرق والكهرباء والمياه في القرى والمشاريع الحكومية الأخرى التي يتم إنشاؤها كالمدارس ثم تغلق لهجرة الطلاب والطالبات رغم أنها مبانٍ حكومية كلفت الخزينة العامة ملايين الريالات.
كما أن الهجرة تتهدد المصادر الحيوية للثروة الحيوانية والزراعية التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي للوطن، وتزيد عدد البطالة إذ إن أفراد الأسرة بالقرى يشتغل أغلبهم، ويعمل فإذا هاجروا للمدينة لايعمل منهم إلا القليل؛
إضافة لما تتسبب فيه الهجرة من الضغط على الخدمات الحكومية في المدن فيتسبب في ضعفها وعجزها كعجز المدارس، وعدم قدرتها على استيعاب الأعداد الهائلة من الطلاب؛ مما يضطر لاستئجار مبانٍ غير مهيأة للدراسة واستقبال الطلاب لسد العجز، وكذلك الكثافة وزيادة الضغط على المراكز الصحية، والمستشفيات مما يؤدي لعجزها عن تقديم خدمات صحية مناسبة، وتباعد مواعيد العيادات إضافة لزيادة الطلب على السكن والخدمات الأخرى مما يرفع التكلفة لها.
مما يجعل الحاجة ماسة لإعادة بوصلة الهجرة عكسيًّا لتتجه إلى القرى ولإعادة اتجاه بوصلة الهجرة فإننا بحاجة لمعالجة الأسباب الدافعة للهجرة أصلًا من القرى وحل المعضلات التى أنتجتها تلك الهجرة، وإيجاد عوامل جذب للبقاء بالقرى وإن من أهم الأسباب ضعف وانعدام مصادر الدخل وأسباب الرزق بالقرى مما يدفع بالهجرة للمدن طلبًا لذلك وعليه فإنه يتعين التفكير بحلول إبداعية وخطط استراتيجية لإيجاد سبل العيش وخلق الفرص الوظيفية مع توافر الخدمات الحكومية المشار لها وتميز القرى عن المدن بسلامة الأجواء والهدوء وقلة التكاليف، وهناك أمور قد تساهم في إيجاد هجرة عكسية من المدن للقرى ولعل أبرزها:
١-الاستفادة من التجارب العالمية في توطين القرى، والمحافظة على سكانها.
٢ -بناء السدود وحفر الآبار التي توفر للرعاة والمزارعين احتياجاتهم المائية.
٣- مساعدة الشباب على إيجاد مشاريع صغيرة، وتوفير القروض المالية لها.
٤ -تصميم سلسلة خدمات متكاملة لمنتجات شباب القرى بوجود من يسّوق ويبيع لهم.
٥-دراسة الاستثمار السياحي للقرى القديمة، وتهيئتها؛ بحيث تكون هذه القرى جاذبة للسياح.
٦-توفير وسائل نقل آمنة لتوصيل أبنائهم للجامعات القريبة منهم.
٧-تخطيط الأراضي البيضاء المجاورة للقرى، ومنحها لأبنائها بشروط ميسرة لا تحرمهم من فرص سكنية في أماكن أخرى.
وإن طرح الموضوع للنقاش والبدء في التنفيذ سيظهر معه الكثير من المزايا والاحتياجات، وبالتالي فإن الآمال معلقة إلى حين قيام الجهات المعنية ببحث ذلك وتبنيه.
وإننا نرجو أن لا يطول الانتظار.