هل خاطبتكَ هدية يومًا ؟ ربما قريبًا ستتعلم لغتها، وتدرك سرها، وتفهم ما تخفيه تلك الأحرف من بيان، وإلى ذلك الحين وطّن نفسك ألا تتعجب من براعة الهدية في التعبير وقدرتها الفطرية في التفسير فهي الناقل الكفء للكثير من الوجدان؛ ولهذا لن تحتاج مع الهدايا إلى رسالة، ولن تحتاج لمعجم التحرير الذي تعيش عليه، وتكتفي الهدية بهوية المرسل، بل وأحيانًا لن تحتاج لكتابة اسمك فروح تلك الهدية تتكلم باسمك وبفصاحة أكثر وشرح أوفى.
تتشارك الهدية مع الحب إذ كلاهما يفتقد القيمة بالطلب، وهل للحب والهدية معنى حال الطلب؟!!!!
تتعالى قيمة الهدية، وتتصاغر بحجم المفاجأة، فمتى كانت غير منتظرة كانت أكثر قيمة وأعظم أثرًا، هدايا الأعياد تأخذ قيمتها إلا أنها قد تنتظر وهدايا المناسبات مؤثرة إلا أنها متوقعة، ولكن الأجمل من هذا كله هدية تسقط عليك دون سابق إنذار أو بارقة انتظار.
الهدية بين المادة والروح، وأيهما كانت أكثر إيغالًا كان تأثيرها فيما أمعنت فيه أكثر إيغالًا، وهذا “عزاء للمعدمين”
كل هدية مبعوثة جبلت على أن تتكلم فبعضها يخاطب الجسد بما يحتاجه، وتلك الهدايا رهينة القناعة ومأسورة بحبل الرضا في المتلقي، وبعضها تأتي لتتكلم بلغة الأرواح لأنها تفتّقت عن روح أخرى ولا تعرف إلا تلك اللغة ولا تتقن سوى ذلك الخطاب، وتتميز بعدم وجود سقف لقيمتها كما تفتقد قياس التأثير، وكيف لك أن تقيس ما تصنعه هدية بعثتها روح إلى روح؟!!
قد تكون الهدية عمرًا كاملًا كالذي تصنعه الأم، وقد تكون شقاء عمرٍ كالذي أهداه الأب، وهذا ما يمكن حصره في بابهما وإلا فالقائمة تطول.
الهدية عطاء ومن اعتاد العطاء مات عليه، حتى المعدم لن يعدم العطاء في هذا، فهدايا السماء تعود محملة بأكثر مما تحمله، ولذلك يُكثر الكرماء المعدمون من الدعاء.
أخيرًا……….بعض الأرواح لا ينصفها إلا أن تهديها قلبًا غلفهُ العمر.
رياض عبدالله