عندما كُتب مقال “الطلاق أوجاعه مؤلمة” مؤخراً لم أكن أرغب أن أتوسع كثيرا في ثنايا الموضوع؛ لأن موضوع الطلاق ليس بالموضوع الجديد بل تناوله الكثير من المختصين عبر وجهات نظر مختلفة، ومن جهة أخرى هو موضوع فيه الكثيرمن التفاصيل الشائكة، وأيضاً وددتُ أن أكون على مسافة واحدة من الطرفين. وعموماً وجدت بعض الردود حول هذا الموضوع الهام من بعض القراء الكرام ففي البدء يقول الأستاذ عبدالله الفارسي في تعليقه: ” موضوع مهم جدا جدا… لكن يبدو أخي الكريم أنك وأرجو أن لا تكون كتبت مقالك على تجربة صديقك المُطلِق… بمعنى أنك لابد أن تكون قد وقفت على الطرفين؛لمعرفة الأسباب.. الشباب والشابات يتصورون أن الحياة الزوجية مثل ماتناقلته بعض الأفلام، وبعض المشاهير الذين ينقلون الوهم… للشباب والشابات بالمثاليات… “ومن وجهة نظر شخصية معاصرة يقول الأستاذ محمد العلياني في تعليقه: ” التقنية الحديثة قضاء وقت كبير على الأجهزة.. دمرت عقول بعض النساء، وأصبحن لايردن أعمال، ولا أشغال، ولا زوج، ولاغيره بعض من النساء طلبن الطلاق؛ من أجل السناب، والحرية، وقيادة السيارة، وغيرها. وأعرف شخصيا كثيرا من التجارب”.
ويبدو أن حكمة ومنطق الشيوخ تغلبت كثيراً في تعليق الأستاذ طالب بن محمد عيسى من المدينة المنورة حيث يقول: “…. وأسباب الطلاق كثيرة في مجتمعنا منها: مشكلة المخدرات عند بعض الشباب الآن كثير عند خِطبة ابنته لايتقصى عن هذا الشاب..! هل يتعاطي المخدرات مثلاً؟ وهناك أشياءصعب كشفها..! أنا أعرف شخص تزوج ابنة عمه وفي منزل متلاصق تماماً وبعد ثلاث أيام من الزواج اكتشفت الزوجة تعاطي الزوج للمخدرات وانتهت الأمور بالطلاق بعد ما اتضحت الحقيقة لأهل الزوج والزوجة، أيضا من الأسباب اختلاف طبيعة الحياة الاجتماعية بين الزوجين. ولايُعاب على الشاب بشيء هنا ولكن لاتوافق بينهما. وبالمناسبة كان قديماً في الحجاز عادة معروفة حيث يتزوج أبناء المهنة الواحدة من بنات أصحاب المهنة نفسها فكان التوافق متقارِب بينهما. وفي الوقت الحاضر يبحث الشاب عن مواصفات الجمال، فيما تبحث الشابة عن إمكانيات الشاب المادية فقط..! وهذا عموما مايبحث عنه الناس. هذا غير التكاليف المبالغ فيها من المهر، وأماكن إقامة حفل الزفاف، إلى نوعية الحفل نفسه، فصاحب الدخل الكبير والمتوسط والصغير كلهم سواء..! حقيقةً المجتمع لابد أن تدخل عليه مفاهيم جديدة في أمور الزواج من حيث الاختيار، والقدرة، والكلفة المناسبة. وإلا لاشك بأن الطلاق يحدث فمثلاً قد يحصل الكره بين الزوجين فيقع الطلاق هنا….”
إن المأمول من جميع أفراد المجتمع وخاصة أولياء الأمور وهم يدركون بطبيعة الحال الأهداف السامية من الزواج من إقامة علاقات شرعية بين طرفين بصورة يرضاها المولى عز وجل. فالزواج في حقيقته وسيلة هامة جدا؛ لاستمرارية الحياة الإنسانية، كما أنه وسيلة لإعمار الأرض، وتقوية الروابط الاجتماعية من خلال الاقتران المقدس بين الزوجين، وتوسع محيط الأقارب، وبالتالي يسهم هذا الزواج المبارك بين كل زوج وزوجة في إنشاء أسرة صالحة نافعة تساهم في خدمة المجتمع الصغير الذي هو امتداد لخدمة المجتمع الكبير. وهذه الفوائد الجمة من نتاج الرباط المقدس تتنافى في أغلبها مع ظاهرة الطلاق المؤلمة للأسف فبالطلاق تتوقف الكثير من المنافع، والمصالح الإنسانية. فنهيب بكل شاب مقبل على الزواج أن يتريث في أموره بدءً من عملية الاختيار المناسب، ومرورا بعملية تكاليف الزواج كافة، وانتهاءً في الرؤية العميقة للحياة. وكذلك الفتاة في رؤيتها المستقبلية لحياتها الجديدة. ومانرجوه هو أن يكون التوفيق والسداد حليف كل زوجين دائماً وأبداً بإذن الله تعالى.
الطلاق من الموضوعات المهمة والجديرة بالاهتمام نظراً إلى ما للظروف
الاقتصادية والاجتماعية المحيطة من أثر في تزايد حدوثه، والتي أخذت تعصف بتركيبة مجتمعنا السعودي وببنائه الاجتماعي الذي طالما
اتصف بتماسكه وتآلفه وتضامنه نظراً إلى تزايد نسبته التي تعكس وضعاً اجتماعياً
غير صحي. وبمقارنة بسيطة بين عقود الزواج وحالات الطلاق أن أكثر
حالات الزواج التي تتم على مستوى السعودية يكون مصيرها إلى الطلاق.