إنهم قادة الفكر والتوجهات في المجتمع الذين يتكرمون على من حولهم بإهدائهم كنوز من الخير، وينشرون مكارم الأخلاق وفضائل الصفات الحسنة أولئك القادة الذين يتربعون على قمم المجد والعلياء بحسن أخلاقهم، وسداد أقوالهم، وصلاح أعمالهم أولئك الذين لا يرون في أنفسهم صفات الإعجاب أو الخيلاء أو الكبرياء الذين يحرصون على تفقد نفوسهم وذواتهم من العيوب أو القصور فيستعينون بمن حولهم في تفقد أحوالهم والتأكد منها لإحساسهم بأن نفوسهم لا تخلو من أي عيب أو قصور أولئك الذين اتخذوا من سيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب خير قدوة وأسوة؛ فيطلبون ممن حولهم ما طلبه سيدنا عمر بمقولته التاريخية (رحم الله من أهدى عيوبي)، والتي اقتدى فيها أيضًا ولي أمرنا مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان -حفظه الله – في كلمته التاريخية التي قال فيها رعاه الله: «رحم الله من أهدى إليّ عيوبي إذا رأيتم أي شيء يضر بدينكم أو وطنكم أو مواطنيكم فالله يحييكم».
وهذا هو ديدن أُمراء المناطق والمحافظات الذين يسيرون على نفس النهج المبارك وكثير من شخصيات رجالات الدولة من بعض المسؤولين وغيرهم من تلك الشخصيات المباركة المضيئة المشرقة بنور الخير في المجتمع الذين يبحثون عن ما قد لايرونه في أنفسهم من أوجه القصور أو العيوب؛ فيبادرون باستمرار في البحث والتأكد فلا يهدأ لهم حال ولا يرتاح لهم بال إلا من خلال السؤال بصيغة تحث على الجواب (رحم الله من أهدى إليّ عيوبي)، ويذكر عن أمثال تلك الشخصيات ما ورد عن بعض السلف الصالح عندما قيل له، وقد اعتزل الناس وكان منطويًّا عنهم: لِمَ امتنعت عن المخالطة؟ فقال: وماذا أصنع بأقوام يخفون عني عيوبي، وهناك بعض المخلصين أيضًا من المحيط الاجتماعي ممن يكون أمينا على حب أخيه بعيدًا عن المداهنة فيبادر بإخبار صاحبه بما فيه من أوجه القصور أو العيوب ليصبح المجتمع مكملًا لبعضه البعض في أبهى صورة إنسانية، ويقود بعضه البعض إلى مكارم الأخلاق.
ومما يؤسف له أن هناك بعض الشخصيات الحساسة أو المترفعة التي لا تتقبل مبادرة المحبين لهم بنصحهم وإهدائهم عيوبهم؛ فيكون الرد منهم جافًا خاليًّا من المشاعر الإنسانية؛ فتجد من إذا نصحته وذكرته بعيوبه يرد عليك بغلظة ونفور أنا أدرى بعيوبي أو من يجعلك ضدًا له، ويقول لك شاهد عيوبك أولًا، وبعد ذلك تحدث عن عيوب غيرك أو من يقول منتقدًا من راقب الناس مات هما مالك ومال عيوب الناس، وهكذا من تلك الردود السلبية التي تكشف الوجه الآخر للبعض ممن لا يرغبون في اكتشاف أوجه القصور والعيوب في شخصياتهم، وشتان ما بينهم وبين عظماء القيادة الذين نتعلم منهم مكارم الأخلاق، جعلني الله وإياكم منهم.
وكم من كاتب يوما سيفنى ويفني الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بخطك غير شيء يسرك في القيامة أن تراه