بعد يوم دراسي قضيته ما بين منصة مدرستي وبرنامج التيمز، وبعد أن أنهيت خمس ساعات، تكاد تكون متتاليات وضعت رأسي على خلفية كرسيي المتواضع، وأغمضت عيناي لكي أرتاح من الإجهاد الذي تعرضت له؛ نتيجة للجلوس أمام جهاز الحاسوب، وفي تلك اللحظة شاهدت شخصًا يدخل علي مبتسمًا، ويحمل في يده شنطة فارهة الصنع فسلم وجلس بجانبي، وأخرج من تلك الشنطة عدة أوراق عرفت من الشعارات التي عليها أنها تخص شركات الاتصالات الثلاث فبادرته بقولي أنا لم أطلب أي خدمة جديدة منكم فابتسم ابتسامة ثانية، وقال: أنا هنا من أجل تقديم عروض لجميع المعلمين والمعلمات والطلاب والطالبات، تتمثل في إتاحة الشركات التصفح المجاني لمنصة
مدرستي التي وفرتها وزارة التعليم للتعلم عن بُعد دون أي خصم من الأرصدة سواء على الخطوط الخلوية أو اشتراكات الإنترنت المنزلية، وكذلك موافقة كل الشركات على إبقاء خطوط مشتركيها فعالة حتى وإن كانت فواتيرها مستحقة الدفع؛ فنحن ندرك ما أحدثه فيروس كورونا المستجد من تغيير لخارطة العالم السياسية والاجتماعية والطبية والمالية.
كما أننا قمنا بزيادة السعات الاستيعابيّة على الشبكات لضمان الاستمرارية في تقديم خدمات الاتصالات والإنترنت لجميع العملاء في مختلف مناطق ومحافظات المملكة بدون أي انقطاعات، وبترددات عالية، وكذلك سنقدم أجهزة ذكية مجانية لدعم الطلاب والطالبات الذين لم تستطع أسرهم توفيرها لهم وكل هذا من منطلق المسؤولية الاجتماعية تجاه وطننا، وما يمر به المواطن من تداعيات فرضتها عليه جائحة كورونا.
وهنا لم أتمالك نفسي من شدة الفرح، ونهضت من كرسيي متوجهًا نحو ذلك الشخص؛ لكي أقبل رأسه وكفيه إلا أنني استفقت من حلمي الجميل على صراخ أولادي، وهم يهرولون نحوي ليخبروني بانقطاع النت بسبب عدم سداد الفاتورة وعدم مقدرتهم على استكمال دروسهم في المنصة، وأن الجميع قد أعلن حالة الطوارئ داخل البيت؛ فرجعت إلى كرسيي ودخلت في نوبة ضحك هستيرية خرجت بعدها بعدة تساؤلات يأتي في مقدمتها ذلك السؤال الذي يتبادر لذهن كل مواطن ومواطنة عن دور القطاع الخاص كالبنوك والشركات، وأخص منها شركات الاتصالات في رد الجميل لهذا الوطن المعطاء ممثلًا في قيادته الرشيدة التي قدمت لهم كل التسهيلات حتى نمت شركاتهم، وأصبح يُشار إليها بالبنان خاصة في مثل هذه الظروف التي نعيشها الآن بسبب هذه الجائحة، وهل قاموا بمد يد العون والمساعدة لأفراد المجتمع الذين لولاهم بعد الله -عز وجل- لأقفلت معظم هذه الشركاتأبوابها ولأعلنت إفلاسها ؟!
وخزة قلم
الأنانية رصاصة تقتل الوطنية !