لكل شعب هوية، هذه الهوية تنطلق من إرث حضاري، ومرجعية أساسية، من خلالها تميز هوية عن هوية أخرى حتى، وإن وجدت عوامل مشتركة فالعالم العربي يشترك في هوية مشتركة التاريخ، اللغة، الدين، الجغرافيا، العادات والتقاليد؛ لكن هناك هوية خاصة بكل وطن نستطيع من خلال ذلك أن نميز إن هذه هوية سعودية، وتلك هوية مصرية، وأخرى كويتية على سبيل المثال.
والعامل المؤثر الذي حدد هذه الهوية لكل وطن راجع إلى عوامل اجتماعية، وسياسية، ودينية وإرث خاص لكل وطن.
إذا كانت مرجعية الهوية والثقافة لكل وطن تمتلك عنصر القوة من الداخل؛ فإن هذا يعطيها مناعة من استلابها من الخارج، ولا يخشى عليها من الانفتاح على الآخر.
كنا في فترات زمنية نخشى على الهوية الإسلامية، والعربية، والوطنية من الآخر خصوصًا الغربي منه، وكرسنا ذلك من خلال مفهوم الغزو الثقافي والفكري، وقد يكون ذلك في فترات سابقة لها مبررها تلك المبررات لم تعد كما هي في عصر مختلف جذريًّا، هذا الاختلاف الكلي إنما هو نتيجة الانفتاح غير المسبوق عصر الاتصال الحديث، وتغير في العلاقات بين دول العالم.
الهوية الوطنية لا يخشى عليها من الانفتاح؛ لأنها تنطلق من مرجعية غير قابله للاستلاب، أو الاختراق.
لهذا فإن القلق على الهوية الوطنية في هذا العصر من الآخر ليس له مبرره، فالعلاقة في أساسها بين الشعوب التعارف، والذي ينتج عنه البناء والتعايش، والسلم بين الشعوب.