قال صاحبي: بُحت الأصوات، وأرهقت الحناجر، وأرسلت الأمنيات، وتولت بعض وسائل الإعلام كبر الترويج لمقاطعة قمة العشرين في الرياض، واستضافت النواحين، لمحاولة التشويش على النجاحات المرتقبة لقمة العشرين في الرياض.
ولأنها قمة استثنائية في توقيتها، وظروفها، ومضامينها، ونتائجها، فهي استثنائية أيضًا في مكان إقامتها، وتنظيمها، وجمع العشرين الكبار افتراضيًّا من أجل تدارس الأوضاع الصحية والاقتصادية والبيئية، اختصرتها الرياض في ثلاثة مرتكزات رئيسة، تتلخص في تمكين الإنسان، لا سيما المرأة والشباب، من العيش الكريم وثانيهما الحفاظ على كوكب الأرض وأخيرًا تشكيل آفاق ابتكارية جديدة، وباختصار غير مخل تهدف هذه القمة إلى إعادة الطمأنينة للإنسانية القلقة المرتجفة، والتي من أجلها عقد في الرياض لقمتين افتراضيتين لزعماء العشرين في سبعة أشهر فقط.
وهذا أحد المضامين السامية التي تناولتها كلمة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- عندما طالب زعماء العالم ببث الطمأنينة بين شعوبهم، وبتسريع البحث عن علاج ناجع تتكاف جميع دول العشرين في السعي لإيجاده، ثم توفيره بثمن ميسور للدول الأقل نموًا، وعدم المتاجرة في صحة الإنسان، والعمل معًا من أجل تعافي الاقتصاد العالمي باتخاذ جملة من التدابير الاقتصادية، التي تسرع دوران عجلة الاقتصاد، وفي ذات الوقت محاولة التقليل من التأثيرات السلبية التي عانى منها الاقتصاد العالمي بشكل عام.
ولأنها قمة اقتصادية بالدرجة الأولى فقد أصبح هناك أولوية ملحه للغاية لقمة الرياض، وهي الخروج ببرامج لمواجهة الانكماش الاقتصادي وتقليص أسبابه ومواجهة آثاره، فبعد مرور ثلاثة عشر عامًا على اندلاع الأزمة المالية مازال الاقتصاد العالمي يُعاني من الخلل الذي أحدثته تلك الأزمة، والحاجة قائمة للتغلب على هذه الإشكالية وتحقيق جملة من الأهداف التي يتجاوز نفعها دول العشرين إلى دول العالم أجمع، والمتمثلة في:
الحيوية: الاقتصاد العالمي لا يمكن أن ينهض بدولة واحدة أو دولتين، حيث إن الدول جميعها تحتاج لبعضها البعض وهذا لا يحدث بدون تحقيق التعاون، ومد يد العون بين الدول، إلى جانب دفع عجلة الإنتاج في كل دولة على حدة، فالاقتصاد العالمي لا يمكن أن يصمد في وجه التقلبات الاقتصادية، بدون أن تكون الدول نفسها قوية وقادرة على مواجهه التحديات في المستقبل.
تقليص الفجوة الصحية والرقمية والعلمية والمعرفية والاقتصادية، بين مختلف الدول من أهم شروط تحقيق التنمية المستدامة.
الترابط: من أهداف هذه القمة أيضًا تحقيق الترابط ما بين الدول، فجائحة كورونا جعلت العالم يدرك أنه يعيش في قارب واحد، بصورة متشابكة ومعقدة لا يمكن عزلها.
الشمولية: وتعنى الرؤية المتكاملة، التي تشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتنموية والأمنية والبيئية، وغيرها.
الابتكار: وهذا أحد المحاور الرئيسة في قمة الرياض تشجيع الابتكار خارج المألوف، والإفادة من الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وغيرهما.
ونحن نتفاءل كثيرًا بمخرجات قمة الرياض ونجاحها، فهي تضم أقوى اقتصاديات العالم، ويحضرها رؤساء الدول، والأهم وجود قيادة سعودية ذات رؤية شمولية تتجاوز البعد الإقليمي إلى البعد العالمي، حيث تهدف رئاسة السعودية إلى اتباع نهج تعاوني بمشاركة الجميع ومواجهة تحديات المستقبل من خلال سياسات فعالة ومؤثرة وقابلة للتطبيق وترك بصمة وأثر دائم لما بعد عام 2020، وترجمة الالتزامات والتعهدات إلى برامج وأفعال حقيقية على أرض الواقع، ولذا نرى في قمة الرياض قمة إعادة الأمل لشعوب العالم.
ولأنه يصعب فصل السياسة عن الاقتصاد، يمكن القول إن قممًا اقتصادية كهذه لابد أن تؤثر على سياسات العالم وقضايا السلم الدولي، وهو ما أكد عليه الملك سلمان في كلمته (أمام قمة بريزبن التي عقدت في استراليا في نوفمبر 2014) حين قال: “ولا يَخفَى على الجميعِ الارتباطُ الوثيق بين النّموِّ الاقتصادي والسِّلمِ العالمي، إذ لا يُمكنُ تحقيقُ أحدِهما دونَ الآخر الأمرُ الذي يتطلَّبُ منَّا جميعًا التعاونَ والعملَ لمُعالجةِ القضايَا التي تُمثِّلُ مصدرَ تهديدٍ لِهذا السِّلم”
قلت لصاحبي:
ألهمنا العالم برؤيتنا.. وألهبنا الحاسدين بنجاحنا.