كثير من المناسبات العالمية والمحافل الدولية، تؤكد يومًا بعد يوم، ريادة المملكة العربية والسعودية، وما تؤديه من أدوار محورية على النطاق العالمي، وتُرسِّخ مكانتها المرموقة بين دول العالم، وتُكرِّس وجودها المؤثّر والفعّال على الساحة الدولية؛ وذلك بوصفها دولة رائدة وفعالة على النطاقين الإقليمي والدولي. ومن هذه المناسبات العالمية، القمة الاستثنائية لقادة دول مجموعة العشرين (G 20) لعام 2020، والتي انعقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود – يحفظه الله – واستضافتها العاصمة “الرياض” بشكل افتراضي يومي 6 و7 ربيع الآخر 1442هـ الجاري الموافق 21 و22 نوفمبر 2020م، والتي تُعدُّ الأولى من نوعها على مستوى العالم العربي، لتبرهن على مكانة المملكة الإقليمية وأدوارها الريادية العالمية، وذلك بترؤس هذه القمة في هذا الوقت الذي يشهد فيه العالم أجمع، كثير من التحديات الناتجة من جائحة “فيروس كورونا”، والتي تم فيها طرح لعدد من الأفكار العصرية بهدف توحيد الجهود العالمية لمواجهة تداعيات هذا “الفيروس”، الصحية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، هذا بجانب إيجاد توافق دولي حول القضايا الاقتصادية المطروحة في جدول أعمالها، والذي يضم عددًا من القضايا، من أهمها: (الطاقة، والمناخ، والاقتصاد الرقمي، والرعاية الصحية، والتعليم).
كما أن تغريدة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – أيّده الله – التي نشرها في حسابه الرسمي في منصة التواصل الاجتماعي “تويتر”، قبيل انطلاق أعمال هذه “القمة”، قد أبرزت أهم ملامح نجاحها – بعد عون الله سبحانه وتعالى وتوفيقه -، والتي قال فيها – يحفظه الله -: “تسعد المملكة العربية السعودية باجتماع قادة دول مجموعة العشرين، التي ترأست فيها بلادنا أعمال هذا العام، وأثبتت فيه المجموعة قوتها وقدرتها على تضافر الجهود، لتخفيف آثار جائحة كورونا في العالم، ومسؤوليتنا ستظل المضي قُدمًا نحو مستقبل أفضل ينعم فيه الجميع بالصحة والازدهار”. لتحظى هذه التغريدة بآلاف “الرتويت” وتنال الإعجاب بعد نشرها؛ حيث أكد المتفاعلون معها أن إقامة هذه القمة في موعدها المحدد – رغم التحديات التي تواجه العالم – يعتبر إنجازًا كبيرًا للمملكة وقيادتها.
ولعل من أهم مؤشرات نجاح هذه الدورة الخامسة عشر لاجتماعات هذه القمة، أنها قد حفلت بمشاركة عدد من قادة الدول، وبعض المنظمات الإقليمية والدولية، الذين تضافرت جهودهم للخلوص لمخرجات تُسهم في مواجهة هذه التحديات والآثار الناتجة من جائحة “فيروس كورونا”، خاصة وأن هذا التجمع العالمي قد بذل جهودًا دولية أثمرت التزامات بدعم إنتاج الأدوات التشخيصية والعلاجية واللقاحات وتوزيعها وإتاحتها، بأكثر من 21 مليار دولار أمريكي، كما قامت بضخ أكثر من 11 تريليون دولار لدعم الاقتصاد العالمي، في ظل انتشار هذه “الجائحة” وتفشيها في أكثر من 215 دولة ومنطقة في العالم، والتي أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلالها، أن جائحة فيروس كورونا أثبتت أن التعاون الدولي والعمل المشترك هو السبيل الأمثل لتجاوز الأزمات، وقال – يرعاه الله – في كلمته الضافية التي وجهها للعالم خلال فعالياتها: “ينبغي علينا التركيز على الفئات الأشد عرضة للخطر، حيث لن نستطيع تجاوز هذه الجائحة ما لم نضمن توفر الدعم اللازم لجميع دول العالم، فلن يسلم البعض حتى يسلم الجميع”. وأضاف خادم الحرمين الشريفين – رعاه الله -: “نواجه اليوم تحديًّا صحيًّا عالميًّا غير مسبوق على الأفراد والمجتمع والاقتصاد.. ومنذ بدء الجائحة، وسعيًّة منّا لدفع عجلة ونطاق الاستجابة العالمية، التقينا خلال القمة الاستثنائية في مارس الماضي؛ حيث اتخذنا تدابير سريعة وجماعية لمواجهة هذه الأزمة، وما زلنا جميعا مستمرين في ذلك”. وأوضح – يحفظه الله – أن “الجائحة أثبتت أن التعاون الدولي والعمل المشترك هو السبيل الأمثل لتجاوز الأزمات، وينبغي علينا، التركيز على الفئات الأشد عُرضة للخطر، حيث لن نستطيع تجاوز هذه الجائحة ما لم نضمن توفر الدعم اللازم لجميع دول العالم، فلن يسلم البعض حتى يسلم الجميع”.
وأشار العاهل السعودي – حفظه الله – إلى أن المملكة شاركت في أبريل الماضي مع عدد من الدول والمنظمات لإطلاق مبادرة تسريع إتاحة أدوات مكافحة فيروس كورونا، كما شاركت في قيادة الجهود الدولية لجمع التبرعات بهدف سد الفجوة التمويلية لتلبية الاحتياج العالمي لتطوير وتوزيع اللقاحات والعلاجات والأدوات التشخيصية، وقد التزمت المملكة بمبلغ 500 مليون دولار لتحقيق هذا الهدف، وأنه “في ضوء التقدم الذي نشهده في تطوير لقاحات فيروس كورونا، فإن أولويتنا القصوى تتمثل في ضمان إتاحة اللقاحات والعلاجات والأدوات التشخيصية بشكل عادل، وبتكلفة ميسورة للجميع”.
وأكد – رعاه الله – أن “هذه الجائحة تعد اختبارًا حقيقيًّا لأنظمتنا الصحية العالمية، لذا قمنا خلال رئاستنا لمجموعة العشرين بالاستفادة من عدد من المبادرات المحورية لمعالجة الثغرات في التأهب والاستجابة للجوائح العالمية، وأن “رئاسة المملكة لمجموعة العشرين، بدعم من دول المجموعة، اقترحت إطلاق مبادرة إتاحة أدوات مكافحة الجوائح، والتي تهدف إلى ضمان التركيز على التأهب والاستجابة للجوائح المستقبلية بشكل مستدام، ونتطلع إلى بلورة وتنفيذ هذه المبادرة خلال الرئاسة الإيطالية العام القادم، وأنه بتعاوننا معًا، سنتمكن – بعون الله – من تحقيق هدفنا المتمثل في حماية الأرواح وسبل العيش وتشكيل عالم أفضل لاغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع”.
باسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس قمة مجموعة العشرين لهذا العام 2020م، عبر صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع – حفظه الله -، عن الشكر الجزيل لأصحاب الجلالة والفخامة والسمو والدولة قادة دول المجموعة، ولكل من شارك وساهم في الاجتماعات من كافة الدول وممثلي المنظمات الدولية ومجتمع الأعمال والمجتمع المدني على امتداد عام رئاسة المملكة لمجموعة العشرين. وأكد سموه، أن رئاسة المملكة لمجموعة العشرين، كرست جهودها لبناء عالم أقوى وأكثر متانة واستدامة، ويتوازى ذلك مع ما تشهده المملكة من تحولِ اقتصاديِ واجتماعيِ كبيرً، مسترشدين فيه برؤية المملكة 2030. وبين سمو ولي العهد، – يحفظه الله – أن المملكة ستواصل دعم الجهود الدولية المتعلقة بتوفير لقاحات وعلاجات فيروس كورونا المستجد للجميع بشكل عادل وبتكلفة ميسورة، بمجرد توفرها، وستعمل مع شركائها الدوليين والرئاسة الإيطالية لمجموعة العشرين في العام المقبل لتحقيق ذلك. وقد جاء ذلك في بيان رئاسة مجموعة العشرين الذي ألقاه سموه – يحفظه الله -، عقب اختتام أعمال “القمة”.
————————-
* وكيل معهد البحوث والدراسات الاستشارية للدراسات الاستشارية.
* أستاذ مساعد الهندسة البيئة والمياه بكلية الهندسة والعمارة الإسلامية.
* مستشار مركز إدارة المخاطر والأزمات (سيف)، بجامعة أم القرى بمكة المكرمة.