ليس بمستغربٍ أن تكون المملكة العربية السعودية محط أنظار العالم فإليها يتجه المسلمون من أنحاء المعمورة بوجوههم وقلوبهم كل يوم خمس مرات، ويأتون إليها ملبين مكبرين كل عام من كل فجٍ عميق منذ أذّن أبونا إبراهيم عليه السلام بالحج. لكن أن تكون محط انظار العالم جميعًا بانبهار تام فذلك له عدة أسباب قبل أن ترأس قمة العشرين في هذا العام. ليس لأنها تُشكل ثقلًا سياسيًّا أو تحتل موقعًا اقتصاديًّا متقدمًا على مستوى العالم فحسب، أو لدورها المحوري إقليميًّا ودوليًّا فقط، وليس لما تملكه من إمكانات وما تتمتع به من مقومات. بل لأنها أصبحت في هذا العصر الذهبي الزاهر تحقق قفزات نوعية سريعة ومذهلة ونجاحات غير مسبوقة وتصنيفات عالمية متقدمة في عدد من المؤشرات، وما تعيشه من تطورات مدهشة في كافة المجالات، وما تضيفه من منجزات بحصولها على أفضل المراكز العالمية في عدد من الملفات محققة بذلك الريادة فعليًّا، وهو ما أعلن عنه قائد المسيرة الملك سلمان بن عبد العزيز يحفظه الله -من قبل- عندما قال في إحدى كلماته (هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجًا ناجحًا ورائدًا في العالم على كافة الأصعدة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك)، وكان ذلك بالفعل فالبدايات واضحة والشواهد ماثلة والانطلاقة مستمرة والدعم غير محدود والقيادة ملهمة من خلال إعلانها للرؤية التي ركزت فيها على الاستثمار في الفكر؛ كونه أساس الانطلاقة للوصول إلى مدارج الرقي والتقدم، فأصبحت السعودية الرقم الصعب دوليًّا تتطلع إليها دول الشرق والغرب وتحرص على تقوية علاقاتها بها. ولعل قمة العشرين التي تستضيفها المملكة هذا العام تعطي دليلًا على النجاح والتميز لبلادنا وقيادتها الرشيدة..كونها قمة استثنائية بشكل مختلف في ظل ظروف عالمية صعبة جدًّا مع جائحة كورونا، ومع ذلك استمرت الدولة في عمل منظم ودقيق لعقد الاجتماعات للجان المختصة والوزراء المعنيين، وترؤس قمتين لمجموعة العشرين إحداهما عادية سبقتها قمة غير عادية في إطار الحرص الشديد؛ لتجاوز أزمة جائحة كورونا من خلال التعاون الدولي، وحشد الموارد لدعم الجهود الدولية للتصدي للجائحة، واتخاذ التدابير الاستثنائية لدعم الاقتصاد العالمي، وهو ما تحدث به خادم الحرمين الشريفين في كلمته الافتتاحية للقمة وإشارته /حفظه الله/ إلى العمل على توسعة شبكات الحماية الاجتماعية لحماية الفئات المتضررة، ودعم الدول النامية والعمل كذلك على تمكين الإنسان، وتعزيز دور المرأة والشباب، والحفاظ والحرص على التقدم التنموي وحماية البيئة ومعالجة آثار التغير المناخي كموضوعات تأخذ أهمية كبيرة تتطلب مزيدًا من التعاون الدولي لمعالجة تلك المشكلات والمتابع للشأن السياسي يدرك حرص حكومة المملكة لإعادة الأمل، وبث الطمأنينة لشعوب العالم، وهو ما صرح به سمو ولي العهد الأمين الأمير محمد بن سلمان بالعمل مع الشركاء لمزيد من التكاتف والتعاون والعمل الدولي لمواجهة جميع التحديات.
alnasser1956@hotmail.com