أأُسميك المتقمص؟ أم أُسميك ذاك المتلون؟ أم أسميك ذلك المتملق؟ أنت محير حد اليقين لبعض من حولك، وليس لكل من عرفك ..! ولكنك من المؤكد أنك فاهم جيداً لشخصك. فاهم لكل ماتقوم به من حركاتك الزائفة، أو حتى سكناتك البائسة، متأكد من جل تصرفاتك. تجيد التحول وتتقنه، تجيد الخداع وتحْبكه، تستشهد بقول مقدس؛ لتمرر أحاديثك الواهية، وتلوي عُنق قول خالد؛ لتصل لمآربك الفارغة. لم تَصدق مع نفسك مرة، ولن تصدق، ولن يرتاح ضميرك أبدا. لله أمْرُك الزائل فقد خدعت بعض خلق الله.. والله خادعك، لله مقيت حالك التعيس فقد كذبت على عباد الله والله محيط بك. سُتكشف حتى لو بعد حين، ستجرد حتى لو بعد أمد بعيد. وستُعلن أنباءك للملأ. كذبوا قبلك الكثير، فَجَروا قبلك الكثير، ولكن انتهوا إلى غياهب الظلمات، انتهوا إلى مساوئ الشرور ومصارعها. وسيكون لك من أمرك سوء المصير، وسيكون لك من جنس عملك الجزاء الكبير. إن لم تتق الله وتذر قبيح أعمالك، إن لم تتب إلى الله وتترك سيء أفعالك، اتق الله فأنت في أرذل العمر، اتق الله فأنت في خريف الزمن. اتق الله فأنت مغادر بلا ريب. عد قبل أن تصل الروح إلى حد الغرغرة، عد قبل أن تذق نفسك طعم الفراق. فلا أمل وقتها ولارجاء. عد فقد أكثرت على نفسك الآثام، عد فقد أرهقت رُوحك بالآلام.
أكثرت ثرثرتك في الأماكن الملفتة في صور شتى تارةً لما أتيت به من براعة البيان، في إظهار الحكمة وأنت لاتُدرك عظيم معانيها ولم تؤتها أصلاً، وتارةً في مجال النصيحة الهامة وأنت لاتطبق جل مبادئها، وتارة أخرى في باب القدوة الحسنة وأنت بعيد عن قيمها كبعد السماء عن الأرض. كل قول قلته علناً أمام الملا، أو في أضيق الحدود علمته أم لم تعلمه محسوب عليك صغير حَرفه، محسوب عليك دقيق كَلمه، محسوب عليك جميع جُمله من رقيب عتيد. لايُخطئ، ولا يَظلم، ولايَزل بأمر من خلقه. لايغرك ثناء المادحين فيك فهم يسايرونك عمدا أو سهوا، ولا يغرك تشجيعهم لك فهم يستهزئون بك حقيقةً، ولا تخدعك ابتساماتهم الصفراء فهم يبادلونك نفس ابتساماتك؛ تفاديا لسوء خلقك. تعتقد أن الزمن في صالحك ولم تعلم أنه شاهد عليك في ثوانيه، ودقائقه، وساعاته فقد كان له شرف القسم من مولاه. تعتقد أن المكان لائق بمكانتك وقد لاتعلم أن كل شيء سينطق بكامل المشهد في ذلك اليوم المشهود بكل ما رأى، وماسمع أدركت أم لم تدرك. خدعت نفسك فخدعوك أثناء لقياك، ولاموك خفية في غيابك. فإن كنت تعلم فأنت وقعت في المصيبة، وإن كنت لاتعلم فأنت في عظيم المصيبة كلها. ومابين أن تعلم ولاتعلم قد يحل الوقت مسرعا، ونقول عنك حينها كأنه كان يوما هنا ولم “يركب معنا”.
احسنت اتيت بها في الصميم فأصبت مقتل