المقالات

إلى جنة الخلد أبا عبدالعزيز !

الفقد موجع حقًّا، وأثره عميق جدًّا عندما نودع مثل الشيخ ناصر بن سعد بن حشر الغامدي الذي عُرف بالصفات الجميلة، والسمات النبيلة، وتحلّى بالطّيبة، والسّمو، والشّهامة والبداهة، وتجمّل بالتّواضع والقيم وكل المثل.
فنحن نؤمن بقضاء الله وقدره، ونؤمن بأن الموت نهاية كل حي. لكن موت الأعزاء والرجال النبلاء يحدث في القلوب ألمًا، وفي النفوس حسرة وحزنًا على من أحببناهم من الأعماق؛ لرفيع خلقهم، وطيب معشرهم، وحسن تعاملهم، وجليل أعمالهم.
وأبو عبد العزيز كان راقيًّا في تعامله رفيعًا في أسلوبه رفيقًا في حياته كريمًا في عطائه رقيقًا في مشاعره صادقاً في كلمته مخلصًا في أدائه، عظيمًا في وفائه أنموذجًا في سيرته لماحًا في مسيرته، يحمل قلبًا نقيًّا، ومشاعر صافية جعلته قريبًا من قلوب جميع من عرفك .. الذين يكنون له المحبة، والتقدير، والاحترام، والإعزاز لأصالته، ورقي مبادئه، ونفاثة معدنه.
عمل وأخلصت فأبدع كأحد المهندسين السعوديين العصاميين تفوق كثيرًا على المهندسين الأجانب بذكائه، ونباهته، وبراعته، وأعطى بُعدًا عن أبناء هذا الوطن في الوفاء وصدق العطاء وجودة الأداء؛ فكان واحدًا ممن يعتمد عليهم بشكل كبير عند تنفيذ بعض مشاريع الدولة الكبيرة، كان من أوائل المهندسين النابغين الذين عملوا بعمق ديني، وحس وطني، ووعي هندسي في أول توسعة للحرم الشريف في العهد السعودي كأحد أعمدة شركة بن لادن أكبر الشركات السعودية التي أسند إليها تنفيذ مشاريع الطرق في الدولة، ومنها طريق جدة المدينة، وعقبة الهدا، ومطاري خميس مشيط وبيشة، وأخيرًا طريق الجنوب من الطائف الباحة إلى أطراف منطقة عسير الذي أشرف عليه، والتي عمل قبلها في اللنشات البحرية بميناء جدة وقيادة القطار بالمنطقة الشرقية في بواكير حياته العملية، وأثبت فيها نجاحًا باهرًا، وأصبح ممن يُشار إليه بالاحترام والإعجاب من الجميع، وساهم بعد ذلك في الصناعة الوطنية من خلال أعماله الخاصة بوعي واهتمام؛ حتى غلبت عليه ظروف المرحلة العمرية إلى أن دعاه الحق.
واليوم نودع الرجل النبيل من دار الفناء إلى دار البقاء يودعه المحبون الذين وجدوا فيه الأرومة بمعانيها والمثالية بمضامينها يودعه المحتاجون الذين كان عونًا لهم بعد الله، تودعه المساجد التي تعلق قلبه بها تودعه القلوب المحبة إلى رحاب الرحمن في ضيافة رب كريم رحيم. نسأله -عزّ وجلّ- أن يتغمّده بواسع رحمته، ويغفر له، ويسكنه الفردوس الأعلى من الجنة.

Related Articles

One Comment

  1. نعم الكاتب الأستاذ عبدالناصر الكرت ونعم المقال ورحم الله المعني بهذا المقال..
    دمت شامخا ورائعا يا استاذ عبدالناصر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button