د. جرمان الشهري

ترامب والشذوذ السياسي

ترامب، هذا الرئيس الجدلي الذي أشغل العالم داخل أمريكا وخارجها، فالرؤساء السابقون جميعهم تربعوا على عرش البيت الأبيض وهم أساسًا من داخل المنظومة السياسية الأمريكية، إلا ترامب فقد جاء للرئاسة الأمريكية من بوابة المال والأعمال وبدون أي خلفية سياسية ..
ولعل تلك الحالة هي التي صنعت منه رئيسًا جدليًّا مختلفًا في كل شيء ..
ترامب وبالرغم من كل ذلك الشذوذ السياسي الذي قدم به إلى البيت الأبيض، إلا أنه استطاع أن يستحوذ على قلوب عشرات الملايين من الشعب الأمريكي المؤيدين له ..
وبالرغم مما حدث ومازال يحدث في موضوع الانتخابات الأمريكية ٢٠٢٠ من الجدل والاعتراضات الترامبية على نتائج الانتخابات التي حُسمت شعبيًّا لصالح جو بايدن ..
وما ترتب على ذلك من الدعاوى، والشكاوى، والطعون التي رفعها ترامب للمحاكم متهمًا الانتخابات بالتزوير ..

ومازال السجال قائمًا حتى يوم الاثنين ١٤ ديسمبر، والذي سيتم فيه الإعلان رسميًّا عن الرئيس الأمريكي القادم ..
ومن كل ماسبق وبسبب ترامب – إذا أخذ كلامه على محمل الجد – اكتشف العالم بأن أمريكا ترامب لم تعد أمريكا قبل ترامب، فقد شهد شاهد من أهلها على أن القوة العظمى تعاني من ترهل وفقر دم، فهي مثلها مثل أي دولة في العالم الثالث فسادًا ورشاوى وتزوير حسب شهادة ترامب ..
بل والأدهى والأمر إن أمريكا هي التي صنعت الإرهاب العالمي من خلال تنظيمي داعش والقاعدة، وأيضًا بشهادة ترامب، ولاشك أن شهادته كانت شهادة خاصة ضد خصومه الديموقراطيين وتحديدًا ضد أوباما وهيلاري كلينتون ..
ولكنها في المجمل شهادة عامة ضد الأمريكيين عمومًا ..
فلا فرق لدى العالم بين الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي، فكلاهما أمريكي، ومايصدر من أحدهما ينطبق على جميع الأمريكيين ..
ولهذا أتوقع أن الصورة الذهنية الحسناء التي رُسمت لأمريكا في الذاكرة العالمية منذ تأسيسها لم تعد كذلك، فقد اهتزت وشابها كثير من التشويش بسبب ما أقدم عليه ترامب، حتى ولو كان كاذبًا ..
فقول الرئيس وشهادته عن بلاده يؤخذ على محمل الجد، ويترتب عليه انطباعات سيئة لدى شعوب وحكومات العالم ..
وبالتالي كيف للعالم أن يبني ثقته مجددًا، في نظام دولة عظمى تقوده، وهي نفسها التي أنشأت الإرهاب وترعاه وتدعمه ؟!

Related Articles

10 Comments

  1. ارفع لك القبعة على هذا المقال المتميز
    وارجو ان تستفيد الدول العربية وخاصة السعودية من اقوال ترامب وبالذات فيما يخص القاعدة وداعش وقانون جاستا الفاشل

  2. ‏هذا الترمب يقول ما لا يفعل وخصوصا في ايام الانتخابات لازم الواحد يوجه إلى خصمه في شي في منه حقيقة شي في منه من الخيال‏موفق يا بو وليد

  3. اصبت الحقيقه الغائبه وكلاهما ضد الضد . مقاله راقيه جداً وراقت لي . شكراً

  4. ديمقراطية كاذبة مبنية على المال الذي يصرف للدعاية والإعلام وتحسين صورة المرشح أمام الناخبين.

    1. كلامك صحيح يادكتور العالم كله يعرف بأن السياسه الأمريكية مصلحتها ابقاء الصراع في الشرق الأوسط لرعاية مصالحها رؤساء امريكا عباره عن أسماء فقط لكن السياسه والادارة واحده نسأل الله ان يرد كيدهم في نحورهم وان يحفظ بلادنا وجميع بلاد المسلمين من شرهم وان يجعل تدبيرهم تدمير لهم.

  5. صدقت أخي محمد الزامل ..
    مع إن هناك جوانب إيجابية ، فديمقراطيتهم حتى ولو كانت ناقصة ، لكنها تؤدي في النهاية إلى نقل السلطة بسلاسة دون إراقة الدماء والانقلابات التي تحدث في دول العالم الثالث .

  6. شكراً أخي أحمد الزهراني ..
    صدقت ، هذا هو الواقع بالفعل ، فأمريكا دولة مؤسسات وليست دولة أشخاص ، فالأشخاص أدوات تنفيذية لما نص عليه الدستور ..
    ولكن ترامب كان شاذاً بالفعل في سلوكه السياسي الذي مازال يمارسه حتى الآن ، بالرغم من خسارته .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button