الفصل بين الصين وأمريكا

مثل يقول: “الثعبان والسيل لا تأمنهما في ليل”، وينطبق ذلك على التنين الصيني والجارف الأمريكي. كيف للعالم أن ينام وهو لا يأمن قطبين مختلفين سيطرا على شعوب العالم بالقوة الاقتصادية الناعمة، والقوة العسكرية الضاربة ؟ كيف يتجنب العالم أو يكبح سعيهما نحو النفوذ والسيطرة واحتكاكهما الناعم والخشن ؟ هل سننتظر اصطدامهما في مناطق التوتر بينهما ومايسفر عنه بعد ذلك من كارثة ؟ أم أن بعض الدول تبادر بوضع خطط وتبعد نقاط التماس بينهما وشبح الحرب، لابد من اغتنام فوز بايدن الأقل حدة على الصين من ترامب برئاسة امريكا الأكثر عداء لها لتهدئة الوضع المتأزم بينهما، ليس مؤهلًا لذلك إلا دولًا لا تسير في فلك أحد القطبين أو تؤيد منهجهما السياسي والأيديولوجي، مثل البرازيل وجنوب أفريقيا والهند وغيرهم من الدول شبه المستقلة، وتقوم هذه الدول بتأسيس منظمة بيضاء على غرار دول عدم الانحياز التي تأسست بعيدًا عن القطبين الروسي والأمريكي بعد الحرب العالمية الثانية، التي كان هدفها عدم الانحياز لأي منهما ولا تتدخل في صراع محتمل بين القطبين لتجنب مناطقهم جحيم الحروب، صحيح أن هذه الدول اقتصادها ضعيف وإن كانت من دول العشرين، ولا تقوى على الإنفاق خاصة إذا عملت بعيدًا عن منظمة الأمم المتحدة، ولكن العالم اليوم يشكل تحالفات جديدة، ويشهد تغيرات جيوسياسية في بعض المناطق وأعالي البحار، والممرات المائية تشهد توترات واحتكاكات عسكرية بالغة الخطورة، أقول ليس من أحد يستطيع الفصل بين ثورين متناطحين أو الدخول بينهما، ولكن يستطيع أن يمنع المواجهة بينهما، فالعالم لن يحتمل تلك المواجهة وسيتضرر كثيرًا؛ خاصة في ظل هشاشة الوضع الاقتصادي، وما خلفته جائحة كورونا من تأثير كبير على كيانات اقتصادية مختلفة. إن الأيام المقبلة حبلى بالمفاجآت نسأل الله أن يجنبنا الانعكاسات التي تضرب العالم في جميع المجالات، وأن يحفظ بلادنا، وولاة أمرنا من كل سوء ومكروه.