رسم له هدفًا، صمّم وخطّط واتجه، وقبل أن يبدأ رحلته نظر إلى طريقه الذي رسمه فرأى فيه طول المسافة والكثير من العقبات، ولم يسبق له أيضًا أن سلك طريقًا مثله، وظنّ أنّه لا يستطيع السير مع هذا الطريق، عندها توقّف قليلًا وتردّد.. هل يكمل رحلته أم يبدأ برسم طريق آخر، وهل الطريق الذي سيرسمه سيكون أسهل أم سيكون هو أيضًا بالغ الصعوبة كطريقِه هذا، ولو حالفه الحظ ووجده سهلًا أو مختصرًا، فما هي التضحية التي قد ضحّى بها في سبيل السهولة والاختصار، وهل تستحق ذلك؟
استهان في قدراته، وحجّمَ من طاقاته، وفكّر أنه لا يستطيع الوصول، وكل ذلك بمجرد أن رأى الطريق فقط، ولم يكن يعلم حينها أنّه لو بدأ فقط لاضطر إلى الاستمرار للنهاية، فكثير من المسارات بمجرّد أن تبدأ بالانخراط فيها لن تستطيع الرجوع أو الاستسلام، وستكون مجبورًا على السير والمواصلة فيها حتى تصل، أو تكون قد تعلّمتَ منها درسًا لن تنساه.
وبعد تفكيرٍ طويل قرّر أن يستمر على طريقِه الأول الذي رسمه، فإن نجح ووصل وإلّا فسيكون قد حاول وعلِم أنّ هذا الطريق لا يوصله إلى ذلك الهدف، وسيبحث عن طريقٍ غيره يوصله إلى ما يسعى إليه، ويكون حينها قد حظِي بشرف المحاولة، فالمحاولة شرف خيرٌ من الاستسلام.
نعم، استعان بالله وبدأ طريقهُ، واصل واستمرّ وكافح، واجه الكثير من العقبات كما توقّع، ولكنّه تجاوزها جميعًا، لم يتجاوزها فقط، بل جعلته أقوى وتعلّم منها الكثير، وكان الطريق أيضًا طويلًا كما اعتقد، ولكنه تعلّم منه طول الصبر ومضاعفة الجهد، فليس الوصول عادةً بالأمر اليسير بالأخص لو كان ذلك الهدف هدفًا عظيمًا… وفي النهاية وصل لهدفه ومسعاه… نعم وصل، وأدرك حينها أنّه كان يستطيع ولم يكن ينقصه سوى أن يبدأ فقط.
للوصول إلى هدفك يتطلّب ذلك أحيانًا جهدًا مضاعفًا لم تقم به عادةً، وقد لم تكن تعلم أنك تستطيع فعل ذلك الجهد من الأساس حتى تجرّبه.
محمد الأسمري