آتاه الله بسطة في الجسم، وقوة وعزيمة وقدرة، التحق بالحرس الملكي للملك عبدالعزيز، وكان من أبرز رجال الحرس، أحضر زوجته وابنه البكر حمدان وابنته الأولى إلى الرياض، وتعرّف على زميل من رجال الحرس الملكي اسمه محمد النملة، نشأت بين الرجلين علاقة صداقة وأخوة ومحبة صادقة،
وتمر الأيام، ويقع صاحبنا في حب امرأة من أسرة معروفة في الرياض؛ ويتزوجها، وتملك عليه لبه ومشاعره، وكان ابنه البكر حمدان من زوجته الأولى على عداء وصراع مع هذه السيدة التي، بسببها، أهمله وأهمل أمه وأختيه، حيث رزق أبو حمدان ببنت ثانية، سماها نورة بأخت الملك، وحملت لقب (نورة العنود).
قابل حمدان الصغير صديق والده محمد النملة وقال: يا عم محمد، أبي أهملنا بسبب هذه المرأة، ليتك تطلب منه أن يطلقها، ويتفرغ لنا. فقال: سأحاول يا ولدي.
وعندما قابله قال له: يا أبا حمدان لي طلب عندك. فقال: أبشر؛ والله لو على رقبتي أو رقبة حمدان. فقال: أن تطلق هذه المرأة، وتتفرغ لزوجتك وأبنائك. كان هذا الطلب بمثابة خنجر أغمد في صدره، فطلقها على مضض، وبقي حزينًا عليها، من يعرفه، مثلي، لا يظن أنه يقول الشعر، ولكن هذه التجربة زلزلته، وحفرت تأثيرها في أعماق نفسه؛ ومما قاله فيها، حسب رواية ابنته أم حمود؛ ثاني أكبر أولاده، وهي الآن تقارب الثمانين من العمر، وهي التي روت لي تفاصيل القصة:
بديت من مبدى يخيل كل وادي
وانصرم حتى فؤادي
واخيّل أرضٌ فايته وأرضٌ قريبه
والدارج ماغرني به
وأبصر غزال الصيد في المفلى يُربي
ما له القانص مثبي
من دونه النيمس قوي وحنا شيابى
ويقول:
ليتك مع ياصاحبي سد البنايق
وأدرقك عن كل ضايق
وألا يكونّك خاتمٌ في الجيب مكفوت
وأدسك حتى عن الموت
وألا يكونّك بين نوني أغض الأرماش.
بعد هذه التجربة، وما واجهه من دسائس زملائه ومؤامراتهم غادر الرياض إلى بلاد زهران، وعاد إلى قرية المحاطبة إحدى قرى القسمة، ومارس الزراعة، وكان من أعيان القبيلة، يقول فيه الشاعر الكبير محمد بن مصلح رحمهما الله:
الضيف ما ينشد إلا عنك يا بيت صالح
وإلى لفى الضيف يلقى الوافية وابن حمدان
أنا أشهد أنه عقيد القوم رأس العمارى
انتقل إلى جوار ربه في عام ١٣٩٧هجرية إثر حادث سيارة.
رحم الله الرجل الشجاع المقدام صالح بن حمدان بن معيض وجميع موتانا وموتى المسلمين.