المقالات

التقصير عنفٌ ..

حين تستخدم القوة ضد أحدهم بطريقة غير قانونية فأنت حرفيًّا تتكلم عن العنف، ويكون الأشد فتكًا، والأكثر وجعًا حين يأتيك الخوف من مصدر الأمن، ويأتيك الألم من مصدر تنتظر منه الضد.
لهذا أصبح العنف الأسري صاحب العاقبة الممتدة إن جاز التعبير، وحين تتبع آراء المختصين وفلاسفة الاجتماع ترهقك الآراء، وتعددية السبب، وتكتشف أن المصطلح ليس سوى بوابة للولوج إلى عالم يعمه الكثير من التناقضات، والعديد من التضاربات.
يحاول البعض توجيه العنف على أنه طبيعة فطرية، وأن الإنسان يعيش بغريزة العدوان، كما يسميها فرويد، وتجد العكس كذلك بأن العنف ليس سوى طارئ على الطبيعي وحياة غير متزنة تعد ردة فعل في أغلب الأحيان، وقد يكون هذا أكثر حظًا من سابقه، وهذا ترميز مبسط لمنطلق العنف، وتأصيل وجوده وانبعاثه إشارة لنا لمزيد من البحث، وكثير من الانقطاع في هذا؛ لنخرج برؤية أخرى؛ خاصة وأن طبائع البشر وثقافاتهم محرك أولي في هذا الصدد، وما ينطبق علينا ربما لا يتقارب مع صنف آخر من تراكيب تلك الشعوب.
وأيًّا كان دقة السبب وتفاصيل الباعث سنتفق على أن العنف سبب للعنف، وأن عدم الوعي، وقلة الثقافة، وضعف التأهيل الفكري والنفسي، وما يلازمه من شعور نقص وفقدان توازن انفعالي، كلها هي أسباب مباشرة للعنف.
يمكننا تحديد مستوى العنف القائم بثقافة ماء من خلال تلك الثقافة إذ لا يمكن لبيئة يحكمها القانون، وتشكلها مظاهر التحضر، وتصبغها قيم المدنية مخالفة لكل صور الجهل أن تجد العنف بحده الأعلى بيّنًا فيها بينما لن تحتاج للبحث في مجتمع يخلو من ذلك كله، وهذا يسوقنا إلى تفاصيل أعمق في ذلك التعريف
هل يكون العنف تقصيرًا،
نعم يُدخل المهتمين التقصير في أداء الواجب تجاه من لا يملك طلب الحق عنفًا. فواجباتك تجاه من تعول واجب تقضيه التبعية، وحين يأخذ التقصير مكانه تجاه هذا الواجب يكون التقصير عنفًا لا نقاش فيه، وتزداد الحدة كل ما زاد النقص، وتوالت الحقوق المضيعة.
ويكون العنف بهذا نقص أيًّا كان مستواه، ومن الظلم حصر العنف في الإيذاء البدني فقط، وما يلازمه تباعًا من أذى نفسي، وما شابه.
حين تكون مظاهره شحيحة في مجتمع ما؛ فإننا بلا تفكير نجد أنفسنا نبحث في التفاصيل، وندقق أكثر، ونحاول التقصي، وهذا مالا يتاح في بيئة ترى العنف فيها أيقونة بارزة وبنط عريض يشكّل خطواته..
نعلم جميعًا أن العنف جرم يحاسب عليه القانون، وبهذا يتمتع المستوى الأعلى من العنف بدساتير تمنعه وتشريعات تحرمه، فهل لما دون ذلك من مستويات طرق تحد منه وتردعه؟
أخيرًا…. قد نختلف في تعريفه، ولكن لن أتفق أبدًا في كونه طبيعة بشرية وتأصيل فطري لدى الجنس البشري، وما تراه قانونًا في عالم الغابة سيبقى في عالم الغابة. وتركيبة التمازج المتبعة في هذا الكون بين بني البشر توحي بأن ما يحدث في الغابة سيبقى في الغابة، ولن يجد له مكانًا بينهم.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button