حظيت المرأةُ السعودية منذ عهد الدولة السعودية الأولى ثم الدولة الثانية بكل ما يمكن أن يُتاح لها من تقدير ومكانة ورفعة تتناسب مع المرحلة، وفُتحت لها آفاقٌ تخطت التوقعات في ذلك الحين، ولكنها لم تكن لتُفتح لها كلُّ الأبواب كما حدث منذ تولي الملك سلمان حفظه الله وأطال عمره، إذ تعيش اليوم طفرة غير مسبوقة في كل الميادين العلمية والاجتماعية والسياسية، لاسيما في ظل التغيرات الاجتماعية، والنقلات الحضارية المتلاحقة، والمتسارعة التي يعيشها المجتمع السعودي، فنجدها في كل ميدان ومحفل، ليست فقط من على المستوى العام، ولكن على المستوى القيادي في سدة القرار، فهي رئيسة لجامعة وملحق ثقافي وسفيرة ومهندسة معمارية وعالمة وطالبة علم في كل تخصص تريده لمستقبلها.
وفي هذا السياق؛ تشير دراسة صادرة عن مؤسسة النقد العربي إلى أن القضاء على عدم المساواة في الفرص الاقتصادية بين الرجل والمرأة سيسهم في رفع الناتج المحلي الإجمالي العالمي فيما يتراوح بين 12 و28 تريليون دولار بحلول 2025، وتؤكد مؤشراتُ الرؤية إلى ارتفاع معدلات مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل إلى 30% بحلول 2030. وفي تقرير حديث صدر في 2019 عن وكالة الابتعاث؛ فقد بلغ عدد الطالبات السعوديات المبتعثات للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وكندا، وأستراليا في تخصصات متعددة منها على سبيل المثال لا الحصر: الهندسة والمعلوماتية – علوم الحياة – العلوم الإدارية والمالية – العلوم الفيزيائية – الدراسات الإنسانية والاجتماعية – ذوو الاحتياجات الخاصة – الطب والعلوم الطبية.
وفي الحديث المهم لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي الذي تناقلته وسائل الإعلام المحلية والعالمية تطرَّق سموه إلى جهود المملكة العربية السعودية في ملف الحقوق، وأشار إلى أنَّ “المرأة السعودية في السابق لا تستطيع السفر بدون تصريح، ولا تستطيع حضور المناسبات الرياضية والثقافية، ولا تستطيع قيادة السيارة، ولا تستطيع ممارسة الكثير من الأعمال، ولا تستطيع إنهاء قضاياها دون محرم، وقد عانت من ذلك لعشرات السنين، أما اليوم فتعيش المرأة السعودية مرحلة تمكين غير مسبوقة”، فهذه المكانة الراقية نقلت واقع المرأة السعودية إلى مراتب لم يكن ليتصورها أحد في فترة وجيزة جدًّا، وأصبح كل يوم يحمل آمالًا جديدة وتطلعاتٍ أخرى على المستوى المحلي والعالمي، وتتجه الأنظار في الداخل والخارج إلى القفزة الجديدة التي ستحققها المملكة العربية السعودية في مجال حقوق المرأة.
ما يستجد ليس خيالًا، بل هو واقع يتحقق، ذلك أن المملكة العربية السعودية هي محط أنظار العالم لدورها الريادي الاقتصادي، وكونها أحد دول ال G20، فضلًا عن موقعها الأهم في قلوب مليار ونصف المليار مسلم حول العالم؛ لأنها قبلة المسلمين الذين يتجهون نحوها من كل العالم الإسلامي، فينظر العالم لما تحققه على مستوى العالم بأسره بعين المراقب فيما يتعلق بتمكين المرأة الذي أصبح من أهم أولويات القيادة العليا في البلاد. وفي هذا السياق أردف سمو ولي العهد: “فلقد عملنا على تمكين المرأة السعودية في مجال العمل والأحوال الشخصية، وباتت اليوم فعليًّا شريكًا للرجل السعودي في تنمية وطننا جميعًا دون تفرقة. أنا لا أتطرق إلى قيادة المرأة للسيارة فقط، أنا أتحدث عن تقديم الفرصة لها لتقود التنمية في وطنها بالمعنى الأشمل. فعلى سبيل المثال، تضاعفت نسبة مشاركة المرأة في سوق العمل من 17% إلى 31%”.
وفعليًّا؛ فإن الذي تحقَّق لي ولكل النساء في السعودية تخطى كونه قيادة سيارة إلى قيادة المجتمع بأسره، وتفاجئنا كل يوم قراراتٌ لا تخدم المرأة فقط، بل الأسرة في المجتمع السعودي باعتبارها محورًا أساسيًّا في رؤية 2030. ويبقى دورنا كنساء في هذا البلد العظيم الذي أعطانا الكثير، وقدّم لنا المستحيل على مستوى التعليم والتوظيف وصناعة القرار؛ أن نقدم له الغالي والنفيس بدعم بعضنا بعضًا، وإظهار الصورة المثالية والمميزة لإنجازاتنا، وتجاوز صغائر الأمور فيما بيننا، ولا نجعلها عائقًا أمام رؤية سطوع الشمس وإشراق الفجر الجديد، والاحتفال بما تحقق، والسعي قُدُمًا لتحقيق المزيد من الوثبات الواثقة نحو مستقبل واعد للجيل القادم من النساء السعوديات.
إن العالم يتطلع، كما نتطلع نحن جميعًا في ملامح السعودية الجديدة والعهد الجديد الذي نقلنا هذه النقلة، نتطلع لما يمكن أن يقدمه القائد لنصف شعبه (المرأة السعودية)، في مواقعها المتعددة؛ موظفةً وعاملةً ومشاركةً في صنع القرار على مستويات الأسرة أو العمل، والمرأة السعودية على أتم الاستعداد لخدمة الوطن في كل مهمة بكل اقتدار وحكمة. ولأننا في العام السادس من العصر الذهبي للمرأة السعودية، وفي العام التاريخي الذي ترأس فيه المملكة العربية السعودية واحدة من أهم القمم الاقتصادية على مستوى العالم بأسره، وهو ما يعزز المكانة العالمية الكبيرة التي وصلنا إليها حكومة وأمة بنسائها ورجالها؛ فإننا نجدد بيعة الولاء والوفاء لملك هذه البلاد الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود يحفظه الله، وولي عهده الأمين صاحب الرؤية المجدد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز يحفظه الله؛ لتستمر مسيرة التنمية، وتحقيق الرؤية الطموحة.
0