رفع الله شأن اللغة العربية؛ إذ جعلها وعاءً القرآن ولغته، وامتن بذلك على أهلها، وأشار إلى هذه اللغة في عددٍ من الآيات القرآنية وبصيغ مختلفة.
قال الله تعالى: (قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُون)، وقال سبحانه: (لِسانُ عَربِي مبينٌ)، وغيرها من الآيات، وبمناسبة اليوم العالمي للغة العربية الموافق ليوم 12/18 من كل عام، وهو اليوم الذي أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة فيه اللغة العربية كلغة سادسة من اللغات المستعملة بالمنظمة؛ وذلك عام 1973م يجدر بنا أن نثبت للعالم أجمع ولمتحدثيها أن اللغة العربية الوحيدة الثابتة المتجددة التي لم تندثر، ولم تتغير حيث يستطيع أي عربي أن يقرأ تلك اللغة، وما كتب بها قبل أكثر من 1500 عام بينما اللغات الأخرى لاتستطيع أن تقرأ لها نصًا كُتب قبل 300 سنة، وأولها اللغة الإنجليزية التي فُتن بها كثير من أبناء العربية، وفضلوها على لغتهم الأم، ويكفيها فخرًا أن الله جل في علاه بعد أن أودعها كتابة الكريم قد تعهّد بحفظها حين قال: (إِنَّا نَحنُ نَزّلْنَا الذَّكر وإِنَّا لَهُ لَحَافَظُون) فحفظ القرآن حفظ للعربية، ومن المزايا أيضًا لهذه اللغة الخالدة دقة الوصف للموصوف، وكثرة الألفاظ المترادفة، والمتباينة، ودلالاتها المختلفة.
ومقال كهذا لن يحيط بلغة خالدة، ولكن فقط إلماحة. وقد سجل الشاعر الكبير حافظ ابراهيم -رحمه الله- احتجاجًا على عزوف بعض الكتاب عن اللغة العربية إلى لغات أجنبية قبل عشرات السنين فكيف به لو يرانا الآن.
ما عساه أن يقول، ومما قال:-
رموني بعقم في الشباب وليتني
عقمت ولم أجزع لقول عدات
___
وسعت كتاب الله لفظًا وغاية
وما ضقت عن أي به وعظات
فكيف أضيق اليوم عن وصف آلة
وتنسيق أسماء لمخترعات
ولابد من الإشارة إلى منبر من منابر الريادة السعودية ألا وهو مركز أو مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية؛ ليصبح مرجعية عالمية للغة العربية بالسعودية من خلال نشر “اللغة العربية” وحمايتها، ودعم أبحاثها وكتبها المتخصصة، وترجمة ما يتم تأليفه وإنتاجه للغات العالمية، وتوظيف التقنية والخدمات الإلكترونية لخدمة اللغة.
وعليه فإن يوم اللغة العربية مناسبةٌ عظيمةٌ يجب اغتنامها؛ لغرس حب اللغة العربية الفصحى في نفوس الناشئة، وتسليط الأضواء على ما يتهددها من مخططات لطمسها، وأهمها وأولها وسائل الإعلام المختلفة؛ بالإضافة لوجوب اعتمادها كلغة للفواتير، والمخاطبات التجارية داخل المملكة على أقل تقدير وبالله التوفيق.